الجمعة، 13 فبراير 2009

مجالس النساء بين الامس واليوم ..


جميل جدا أن تلتقي النساء في المناسبات أو غيرها للترويح عن أنفسهن من عناء العمل اليومي الممل في بيوتهن أو خارجها...
وقد كنت في صغري أحب هذه المجالس واستمتع بحضورها ,وكانت تحضرها الجارات على الخصوص..كن يتجاذبن فيها أطراف الحديث في مواضيع متنوعة منها حكايات ومواقف طريفة وقصص خيالية ...كنت لا أمل من تكرار سماعها..

كانت مجالسهن بسيطة ، ويكتفين فيها بما توفر من الطعام ولو كان خبزا وشايا ..وقد تأتي إحداهن ومعها عدة عمل من الاعمال اليدوية كالتطريز أو الغزل، وربما اجتمعن على عمل جماعي كنسج زربية، أو اعداد الحلويات لمناسبة ما .....

انشغلت بعد أن كبرت شيئا ما عن هذه المجالس بدراستي ..ثم سرعان ما بدأت تنقطع عنها النساء شيئا فشيئا ، ربما بسبب انتشار التلفاز في البيوت ، وتسرب نمط جديد من العلاقات الاجتماعية ...

لم تعد نساء اليوم تلتقين إلا في المآتم والاعراس ومناسبات أخرى خاصة ..لكن لاحظت فرقا كبيرا بين مجالس اليوم ومجالس الأمس ..فقد اختفت البساطة وظهر التكلف الزائد واختفى الحديث عن المواقف الشخصية والحكايات المطولة ..وأصبح الحديث عن المثير من الأخبار التي تتناقلها الألسن ووسائل الإعلام وأخبار الموضة ..أصبحت المجالس مناسبة لاستعراض ما تتقن سيدة البيت من أصناف الحلويات والمأكولات وما اشترته من من جديد الاثاث والمفروشات واكسسواتها ..وآخر ما استجد في عالم الأزياء ...

ولم تسلم من ذلك حتى الزيارات لعيادة مريضة أو لتقديم التعازي ..وقد حكت لي إحدى الزميلات عن زيارتها لإحدى الأستاذات قصد عيادتها إثر وعكة صحية ألمت بها ...وقد طلبت منهن أن يأتين في يوم حددته لهن فاجتمعن وذهبن إليها بعد العصر فاستقبلتهن بالشاي وأصناف من الحلويات الرفيعة ..ولما رفع الشاي , وضع صحن كبير من صنف معين من الطعام ,ثم اتبعته بصنف آخر ,ثم ختمت مأدبتها بالقهوة والحليب وأصناف أخر من الحلويات ..وكل هذا في ظرف وجيز وعدد الاستادات قليل..وقد وصفت زميلتي هذه الزيارة بالمأدبة الإستعراضية لإن الأصناف الأخيرة من الطعام لم يلمسها أحد ....

هكذا كان استقبال المريضة لمن جئن لعيادتها ,فكيف كانت ستستقبلهن لو كانت مسليمة معافاة ...
هذه هي مجالسنا اليوم تفاخر وسمعة ورياء وتبذير و...والواحدة منا امام خيارين اما ان تنساق مع التيار وإما أن تعتزل وفي كلتا الحالتين لن تسلم من ألسنتهن ..
والله وحده أعلم كيف ستكون مجالس نساء الغد ..


أم عبد الرحمان

0 التعليقات:

إرسال تعليق