السبت، 28 فبراير 2009

الزنجبيل


يقول الدكتور فائد:

لو تعود الناس على شرب الزنجبيل مع الشاي بدون سكر، لكان خيرا لهم

لنبدأ بالمبالغة التي بالغ فيها بعض ممن تكلموا عن الزنجبيل، وجعلوا منه العشب الخارق للعادة، وأنه جاء في القرآن وما إلى ذلك، وهو عشب عادي جدا ولا يحيي الموتى. وقد نال إعجاب الناس لأنه جاء في القرآن، ولكن لماذا كل هذا الاهتمام بالزنجبيل وكل خشاش الأرض نافع. والزنجبيل إذا كان شراب الجنة فهو لا يشفي الأمراض، لأن الجنة ليس فيها أمراض، وليس فيها موت ولا أي لغو، كما قال سبحانه وتعالى: لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما. ولذلك جاء ذكر وصف الله سبحانه وتعالى عسل الجنة بأنه مصفى لقوله سبحانه وتعالى في سورة محمد : وأنهار من عسل مصفى. لأن العسل الذي سيتمتع به أهل الجنة ليس للشفاء لأن الجنة ليس فيها أمراض ولا موت و‘نما أكل وشرب، وعسل الدنيا يجب ألا يصفى لكي لا يفقد القوة الشافية الموجودة في المركبات التي تبقى فيه حين استخراجه من الخلايا.

وكثير من الناس تعاطوا لهذا العشب الذي لا يعادل القرفة والزعتر والكركوم في العلاج، وهي أعشاب تفوق الزنجبيل بكثير من حيث المكونات الطبية. والزنجبيل يصلح كشراب جيد ومسخن فقط ويمنع التقيء عند المرأة الحامل في الأشهر الأولى من الحمل، ويعرف الزنجبيل منذ القدم بكونه مريح للجهاز الهضمي، والمشهور في الطب النباتي القديم أن الزنجبيل له خاصية إزالة الغازات من الأمعاء carminative، وربما تكون له خاصية منع الأكسدة لأنه يمنع تكون المركبات المسببة للآلام ويمتص الجذور الحرة. والمعروف عن الجانجرول أنه يمنع تكون الصفائح داخل الأوعية الدموية ويحفظ الجهاز الدموي من التصلبات والانسدادات.

الجهاز الهضمي

يساعد الزنجبيل على علاج الأمراض المتعلقة بالتأثير النفسي، والتي تجعل الجهاز الهضمي في محنة، وكل الأمراض التي تترتب عن الدوران والضعف والإحساس بالعياء وعدم الشهية والضجر. ويسهل شراب الزنجبيل التخلص من كل الأعراض التي تترتب عن الصدمة العصبية أو النفسية. والزنجبيل يحتوي على مكونات تحد من الاضطرابات على مستوى الجهاز الهضمي، وهناك أعشاب كثيرة معروفة ومألوفة لدى كل الناس، ولا تتطلب أي معرفة متخصصة، وليس لها أعراض جانبية خطيرة، ولذلك فالبلدان التي لا يتوفر فيها الزنجبيل وتتوفر فيها هذه الأعشاب فهي مفيدة للجهاز الهضمي.

التقيء عند المرأة الحامل

وينفرد الزنجبيل في إيقاف القيء عند المرأة الحامل في الثلاثة أشهر الأولى. ولكل عشب خاصية قوية في العلاج، وخاصية الزنجبيل القوية هي منع القيء عند النساء الحوامل، ويمكن أن يشرب بكمية كبيرة بدون أية أعراض جانبية ولا يضر أصحاب القرحة المعدية.

مزيل للآلام

يحتوي الزنجبيل على يعض الفلافونويدات التي تميزه على باقي النبات، ومنها الجانجيرولات Gingerols وهي مركبات تحول دون ظهور الآلام التي تترتب عن الروماتيزم المتعلق بالمفاصل والعظام على حد سواء. ويزيل الزنجبيل كل آلام العضلات وعدم الراحة وآلام المفاصل الحادة. وقد لاحظ الباحثون هذا الحادث عند الأشخاص الذين يتناولون الزنجبيل بانتظام. ويزيل آلام الرأس كما يساعد المصابين بالتصلب اللويحي والأعراض الأخرى المتعلقة بالعضلات.

الوقاية من سرطان القولون والمستقيم

كل المواد النباتية التي تحتوي على الفلافونويدات والبوليفينولات تقي الجيم من السرطان، لأنها كابحة للتأكسد وحابسة لانتشار الجذور الحرة. والزجبيل يحتوي على مركب الجانجيرول الذي يمثل المادة النشطة، وهذه المادة التي تكبح لخلايا السرطانية وتمنعها من النمو على مستوى القولون والمستقيم لما يكون تناول الزنجبيل بانتظام، كأن يكون مع الشاي مثلا أو مع أي مشروب دافئ. ولذلك فالزنجبيل لا يستعمل في العلاج أكثر ما يستعمل في الوقاية. وهو عشب عادي جدا وتناوله يكون كسائر النباتات التي يتناولها الناس، والذي ننصح به هو تناول الزنجبيل مع الطعام عوض استعماله كمادة للعلاج، وكذلك الكركوم والثوم والقرفة. وهي أعشاب نافعة جدا إذا كانت مصاحبة للأكل.

وللاستفادة من منافع الزنجبيل يستحسن أن يستهلك بانتظام مع الطعام، وهو من التوابل المنكهة، والمسخنة للجسم في الفصل البارد. وقد عرف سكان المغرب العربي استمال الزنجبيل في فصل البرد مع الشاي، وهو الاستعمال الذي يروق الجسم. وبعد فترة الاستعمار لم يعد الزنجبيل يستعمل إلا قليلا، ثم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية نسي الناس كل الأعشاب وبقوا على التوابل المعروفة وهي الإبزار والفلفل والكمون وانخفض استعمال الكركوم الذي كان يستعمل بكثرة في كل الوجبات كما كان يشرب. والزنجبيل كان من ذي قبل شراب الرجال لأنه يسخن الجسم، وكان استعماله مع الشاي معروفا، وكانت النساء تطبخ الزنجبيل لكن مع ظهور المنتوجات الصناعية وتلاشي خبرة الطبخ أصبح الزنجبيل في سلة المنسيات.

هذه حقيقة الزنجبيل الذي يتهافت الناس على شرائه، فهو لا يتعدى النباتات الأخرى من حيث المركبات الكيماوية، ولا يأتي بمركبات خارقة، فكل الفلافونويدات واقية للجسم من السرطان خصوصا سرطان القولون والمستقيم والمعدة.

موقع الدكتور محمد فائد

اليقطين خضرة صيفية تمتاز بخصائص لا يعلمها الكثير

لقد تكلمنا عن موسمية الخضر والفواكه، وتكلمنا عن أهمية استهلاك الخضر والفواكه داخل موسمها الطبيعي. وبينا كذلك أن خروج أي مادة طبيعية عن مكانها أو زمانها أوحجمها يعتبر من الكوارث الطبيعية، وليس من التقدم العلمي، وقد بدأت بعض الملاحظات تبين أهمية هذا الموضوع. واستهلاك المنتوجات في موسمها يعني الاستفادة من المكونات الكيماوية الطبية التي خلقها الله سبحانه وتعالى في هذه المنتوجات، ويعني كذلك التنوع في التغذية بطريقة سهلة وطبيعية، ولا تحتاج إلى مستوى علمي عالي، وإلا كانت التغذية منحصرة في بعض المنتوجات التي يسهل بيعها وترويجها والكسب منها مثل البطاطس. ونحن الآن في فصل الصيف وهو فصل الحرارة، ويكون الجسم أثناء هذا الفصل في حاجة إلى الماء والأملاح المعدنية والفايتمينات والألياف الخشبية، وهي المكونات التي توجد في النبات ولا توجد في الحيوانات.

ينتهي استهلاك البطاطس مع حلول فصل الصيف، والقانون الكوني الذي وضعه صاحب الكون لا يقبل التدخل لتغيير الحوادث، وإلا كان هناك فساد ينعكس على صحة الإنسان، لأن الأمر يتعلق ببقاء الإنسان على الأرض، وخضرة فصل الصيف هي اليقطين، لأنه يحمل المكونات الطبية التي يحتاجها الجسم في هذا الفصل، وقد جعل الله اليقطين لهذا الفصل لأنه وضع فيه كل ما يلزم الجسم في حالة الجفاف وارتفاع الحرارة. واليقطين له خاصية تبريد الجسم، ويحتوي على بوتسيوم بكثرة ليجعل التوازن المائي داخل الجسم مضبوطا water balance، وهو ما يحول دون الاجتفاف، ويحتوي على مركبات مضادة للأكسدة أو التأكسد داخل الجسم، للوقاية من التسممات، ولمقاومة الحرارة، ومن هذه المركبات بعض البوليفينولات flavonoids التي تزيد في مناعة الجسم، ويحتوي اليقطين على ألياف خشبية هائلة، من حيث لا يمكن للفضلات والنفايات أن تبقى في القولون لمدة طويلة، فتسبب بعض التسممات الداخلية من جراء أثر الجذور الحرة Free radicals.


ومن خصائص اليقطين أنه مخفض للدهون في الدم antihyperlipidemic، ومخفض للكوليستيرول، وبهذا يكون خضرة المصابين بارتفاع الضغط والسكري والسمنة والكوليستيرول, ويستعمل اليقطين كطارد للحشرات مثل البعوض، وقد استعمله الطب الصيني كمضاد للتسمم بلسعات الثعابين والحشرات، ويكفي حك قطعة من اليقطين على لسعات البعوض لتهدأ من التو. ويضمد الرأس في حالة الصداع بأوراق اليقطين لتخفيف الألم، وكذلك الحروق الجلدية من أثر الشمس أو النار كذلك، فاليقطين يبرد ألم الحروق الشمسية لما تكون على الوجه والكتفين.


لا يزال اليقطين لا يحضى بالأهمية التي يستحق، وهي خسارة كبرى على المستوى الصحي، ونلاحظ أن أوروبا جعلت من البطاطس الخضرة التي لا يستغني عنها أحد، وهو أمر طبيعي لأنها تنتج بطاطس فقط، واستطاعت أن ترغم المستهلك بطريقتها وبحجتها العلمية، حتى أصبحنا نترك الأهم ونتناول الأدنى، وكل الخضر التي توجد في المغرب تحول دون حلول أمراض، وهي أحسن ما خلق الله تعالى على وجه الأرض، لكننا لم نقدر على مواجهة الإشهار والدعايات الفارغة. أما الموضة، هذا المرض الخطير الذي دمر حياتنا ومنتوجاتنا، فهي التي قلبت الوضع. فالسكوم والطماطم والبطاطا الحلوة والخرشوف واليقطين والقرعيات الموسمية والبقول لا يمكن أن تقارن مع الخضر الإشهارية، لكن الوجبات السريعة والسندويشات لا تقدر على استعمال هذه الخضر.

ربما ننتظر حتى نسمع الآخرين يتكلمون عن اليقطين على الفضائيات التلفزيونية لنستهلكه، وربما نسمع أكثر لنصائح الغير نظرا للعقدة التي أصابت العالم العربي. وأصبح كل ما يأتي من الغرب كأنما ينزل من السماء. وقد أصبحت النصائح في الميدان الغذائي موضة كذلك، فكل من هب ودب يعطي نصائح، وهو لا يعلم شيئا عن علم التغذية.

موقع الدكتور محمد فائد

التفاح من الفواكه الغنية بالمواد الدابغة التي تقي من أمراض القلب والشرايين والسرطان

نتكلم عن التفاح البلدي الموسمي لكي لا ينخدع الناس…

هناك إشاعات كثيرة حول أهمية التفاح الصحية، ومنها المقولة التي يحفظها جل الناس حول أهمية التفاح الطبية وليست الغذائية one apple a day keeps the doctor away، وتعني هذه المقولة: تفاحة في اليوم تبعد عنك الطبيب، وهي إشاعات فيها شيء من الحقيقة فقط، وليس كما يظن الناس، لأن العلوم ولو أنها أصبحت خاضعة للتجارة والإشهار، فهناك من لا يخرج عن الحقيقة العلمية، ولا يتأثر بالإشهار الذي أشهر منتجات قليلة الأهمية كالإسبانخ، وأخفى منتجات كبيرة الأهمية كالصبار أو التين الهندي. والتفاح فاكهة عادية تحتوي على ألياف خشبية بنسبة مرتفعة، وعلى سكر الفروكتوز وبعض الفلافونويدات والفايتمينات والأملاح المعدنية. والتفاح البلدي الموسمي يحتوي على كميات هائلة من هذه المركبات ومنها الألياف والفلافونويدات.

وبما أن التفاح يحتوي على الألياف الغذائية الذائبة والغير الذائبة فهو يخفض الكوليستيرول بالدم، وتعمل هذه الألياف بنفس الطريقة التي تعمل بها ألياف الحبوب أو النخالة، من حيث ترتبط بالكوليستيرول في الجهاز الهضمي وتزيله من الجسم، وكذلك الألياف الخشبية الذائبة التي تعمل على خفض الكوليستيرول على مستوى الكبد، ونظرا لأهمية النسبة المرتفعة في التفاح، فإن استهلاك تفاحة واحدة يزود الجسم بنسبة 10 في المائة من الاحتياج اليومي، ويستحسن أن يستهلك التفاح بقشوره، بشرط أن يكون غير معالج بالكبريت، وغير معالج بالمبيدات. ويمكن خفض الكوليستيرول بنسبة 20 بالمائة باستهلاك تفاحتين في اليوم. ويعني خفض الكوليستيرول الوقاية من تصلب الشرايين وأمراض القلب والشرايين بصفة عامة.

ويوجد من ضمن الألياف الخشبية مركب البيكتين الذي له دور ليس في خفض الكوليستيرول فقط، وإنما في امتصاص السموم وإزالتها من الجسم كالرصاص والزئبق وبعض الطوكسينات الأخرى. ولكل من الألياف الذائبة والغير الذائبة دور في الوقاية من الإصابة بالسرطان لخاصيتهما المانعة للإمساك وتسهيل مرور الفضلات بالقولون وهو الحادث الذي لا يترك امتصاص السموم على مستوى القولون والمستقيم.

ويحتوي التفاح علاوة على الألياف الخشبية من النوعين على المواد الدابغة أو الفلافونويدات، وهي المركبات التي تعطي اللون الأحمر للتفاح، أو تغير اللون لما يقطع التفاح، وتشمل كذلك البوليفينولات. وهذه المركبات هي التي تحفظ من أمراض القلب والشرايين، وتعطي للتفاح خاصيته الطبية الغذائية. ونعلم أن لكل مادة غذائية نباتية نوع خاص من الفلافونويدات والبوليفينولات، وأن استهلاك أنواع مختلفة على مدار السنة يعطي نتيجة أحسن. ومن الفلافونويدات التي يحتوي علها التفاح نجد الكويرستين كما تقدم، ومكون الكاتشين والفلوريدزين وحمض الكلورجينك وكلها مضادات قوية للتأكسد.

ويعتبر التفاح والبصل الأحمر من المواد النباتية التي تحتوي على نسبة عالية من الكويرستين. وبذلك فإن استهلاك التفاح كفاكهة مع تناول البصل الأحمر على شكل شربة أو عصير، وشرب كوبين من الشاي يعتبر من أساسيات الطب الغذائي للوقاية من أمراض القلب والشرايين، والحد من أثر الجذور الحرة على الخلايا أو الحفظ من السرطان.

ويحتوي التفاح على سكر الفروكتوز الذي لا يحتاج إلى أنسولين، وبوجوده مع نسبة عالية من الألياف الخشبية، فهو يجعل تركيز السكر بالدم ثابتا خصوصا بعد تناول الوجبات. ويقوم التفاح بخفض الحموضة بالبول بإفراز حمض السيتريك، وبذلك يساعد على تفادي تكون مركب اوكسليت الكلسيوم الذي يترسب في الكلية ويكون الحصى.

والتفاح كباقي الفواكه ليس منعشا فقط، وإنما يمتاز على باقي الفواكه بكونه يقي من الأشعة البنفسجية في أشعة الشمس ويحفظ من الحروق، ولذلك يتزامن موسم التفاح والفواكه الملونه مع حلول فصل الصيف، وكذلك بعض الخضر الغنية بالبوليفينولات كاليقطين. ونعود لنؤكد على استهلاك المنتجات النباتية في موسمها، لأن الله خلقها في وقت معين لتنفع الناس، فليس هناك شيء مخلوق بدون تقدير كما قال سبحانه في سورة القمر: إنا كل شيء خلقناه بقدر. وكل الفواكه الصيفية فواكه ملونة ومنها المشمش والكرز وفاكهة الصبار والتفاح والعنب الأحمر والتين الأسود، وكثير من المنتجات التي تقي الجسم من الاجتفاف، لأنها تحتوي على الماء وتقي من الحروق الشمسية. ولذلك فالذين يأخذون معهم لحوم لما يخرجون إلى البحر أو إلى الجبال، لا يحسنون التعامل مع الطقس. وإنما يجب أن يحملوا معهم فواكه ملونة وخضر مطهية وعصير الخضر أو الفواكه، ويتجنبوا الزيوت واللحوم.

وقشور التفاح تحتوي على جل كمية الكويرستين والألياف الخشبية، وهو ما كان الناس يستفيدون منه، لكن مع استعمال المبيدات أصبح من الصعب أن ننصح باستهلاك القشور، وعموما إذا كان التفاح طبيعي ولم يستعمل أي مبيد أو مواد كيماوية أخرى لمعالجته، فاستهلاك القشور والنوى الداخلية يكون نافعا أكثر من اللب، وربما يستعمل التفاح للعلاج لكن مع حمية مدققة ومواد أخرى تصحب استهلاك التفاح، ولا يمكن أن يلجأ الناس إلى التفاح ليشفيهم من الأمراض التي ورد ذكرها. لكن قد يكون التفاح من بين الأشياء التي تساعد على تخفيف هذه الأمراض.

www.mfaid.com

المشمش هو الفاكهة التي تقوي البصر وتحفظ العين وليس الجزر


المشمش الطبيعي الموسمي

لما نسأل أي شخص عن المواد الغذائية التي تقوي البصر تكون
الإجابة دائما الجزر، والمشمش يحتوي على كمية من البيتاكروتين
والليكوبن أكثر من الجزر، والمشمش يحفظ العين أكثر من الجزر
نظرا للنسبة العالية من البيتاكروتين التي يحتوي عليها، والمشمش
يقترن بحفظ العينين وتقوية البصر. واجتماع الألياف الخشبية مع
الكاروتين يجعل من المشمش واقيا للكوليستيرول الخفيف من
التأكسد . وبهذه العملية يساعد المشمش على الحفاظ على الأوعية
الدموية ومنع ظهور الأمراض المتعلقة بالجهاز الدموي.

وطبعا لما نتكلم عن الكاروتن نتكلم تلقائيا عن الفايتمن A، وهو
الفايتمن المضاد للأكسدة والمانع لأثر الجذور الحرة وأثرها
على الخلايا. والجذور الحرة يمكنها أن تخرب خلايا عدسة العين،
كأن تحدث بعض الخلل في الأوعية الموصلة للدم إلى العين
وتحدث ما يسمى بتحلل المنطقة الصفراء
age related macular degeneration ARMD
ويساعد الفايتمن A على الوقاية من ماء العين cataract .

والمشمش غني بالألياف الخشبية الممتازة التي تساعد على
منع الإمساك الحاد، وتسهيل عملية الإفراغ، وإراحة القولون،
وربما يصاب من يستهلك كمية كبيرة من المشمش بإسهال
بارد، نظرا لكثرة الأملاح والماء .

وككل النباتات التي تحتوي على مركب الليكوبين الذي يحفظ
من سرطان البروستات، فالمشمش يمكن أن يحد ويريح من
انتفاخ البروستاتا، وهو الطور الأول قبل تحول الانتفاخ إلى
سرطان. ويحتوي المشمش على أملاح معدنية بكمية هائلة
وعلى بعض الأحماض كحمض الستريك الذي يلعب دورا
أساسيا في الجهاز الهضمي، وكذلك على مستوى الكلية،
والمشمش كالفواكه الأخرى يمتاز بهذه الأحماض التي تعتبر
بالمنشطات للأعضاء الداخلية، ومنها الطحال والكبد والكلية.

ومن الأملاح المعدنية التي تميز المشمش بخاصيته المنشطة
للجهاز العصبي، نجد الفوسفور والمغنيزيوم، ودور هذان المعدنان
لا يخفى في الطب الحديث، لأنهما الدواء لكل الاضطرابات العصبية
التي يمكن أن تسببها حالات الإرهاق والانهيار العصبي. ويعرف
المشمش بتركبته الغنية بالأملاح المعدنية.

وتحتوي نواة المشمش على لوزة غنية بالزيت وهي زيت غذائية،
لكنها تستعمل للتزيين فهي تزيل التجاعيد من الوجه وتبقيه شابا،
وتحتوي نواة المشمش على مركب الأميكدالين أو الفايتمن
B17، وهو مركب من نوع السيانور وهو مركب سام.

ربما يخشى الناس من هذا المركب الذي يوجد في اللوز المر
ولوز المشمش، ونوى التفاح، ونوى الكرز وفي كثير من الفواكه
والخضر. ولو أن هذا المركب يعرف يسموميته الخطيرة، فاستهلاك
زيت المشمش ربما يكون يكون نافعا. ويجب أن نستحضر العقيدة
والمنطق لنبين بعض الأشياء، إننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى
استخلفنا في الأرض وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، ولا نظن
أن في الكون شيء مضر للإنسان، لكن الجهل هو الذي يؤدي إلى
بعض التصرفات التي تعرض صاحبها للهلاك، وهو القائل سبحانه:
أفحسبتم أنما خلقناكم عبتا وأنكم إلينا لا ترجعون“.
ونشير فقط إلى أن مركب الأميكدالين من المواد التي تعالج السرطان،
وقد تبين أن هذا الفايتمن يمكن أن يرجع الخلايا السرطانية إلى
حالتها الطبيعية.

ولماذا يتحدث الباحثون عن خطر استهلاك اللوز المر أو لوز المشمش،
بينما تستعمل مركبات الفيروسيانور السامة في تحفيظ بعض المواد
الغذائية ومنها الخمور؟
وهي على تلاثة أنواع
فيروسيانور الكلسيوم E 538
وفيروسيانور الصوديوم E 535
وفيروسيانور البوتسيوم E 536 .


موقع الدكتور محمد فائد

لبن الخض أو البن البلدي..


من أراد أن يعتني بأطفاله فعليه أن يجنبهم الحلويات والمشروبات الغازية وأن يعودهم على وجبة السيكوك الغنية بالفايتمينات والأملاح المعدنية


ينتشر اللبن المتخمر في شتى البلدان العربية على الخصوص، ويتم الحصول عليه بالطريقة التقليدية العتيدة التالية:
يفرغ الحليب الطازج بعد الحلب في آنية من خزف أو معدن، ثم تسد بقماش، أو بأي شيء يمكن أن يغطيها، وتترك هذه الآنية في ركن من الأفضل أن يكون دافئا حتى يتجبن تلقائيا، وقد تستغرق العملية من يومين إلى ثلاثة أيام، حسب الحرارة العادية التي يتم تحتها التخمر، بعد التجبن يصبح اللبن الرائب جاهزا للاستهلاك. فيتم تناوله بكله دون إزالة القشدة. ويظهر اللبن على شكل متماسك ولزج ذو خثارة عديمة القوام، وحموضة عالية أو متوسطة، إذ يصل تركيز أيون الهايدروجين إلى حد أدناه ( pH 4.5).


بينت الأبحاث التي أجريناها على هذا المنتوج، أن أنواع الجراثيم المسببة للتختر أو التخمر للحليب لا تختلف كثيرا باختلاف البلدان. وذلك حسب المعلومات التي تتوفر لدينا، إذ أن اللبن الرائب المصري يحتوي على الأنواع التالية

Leuconostoc dextranicum, Leuconostoc cremoris Leuconostoc citrovorum, Lactococcus lactis

بينما تقل أو تنعدم أنواع .Lactobacillus أما اللبن الرائب فيحتوي على الأنواع التالية : Lactococcus lactis

وقد توجد أنواع لصنف Lactobacillus. ورغم أن بعض الباحثين لم يعثروا على هذه الباكتيرا، فإن دورها في التخمر لا يمكن أن نتجاهله، وخصائص نوع Lactobacillus لديها خاصيات علاجية هائلة وهي المسؤولة عن خصائص ما يسمى ب probioltic.

ويتم تحضير اللبن المتخمر بإفراغ اللبن الرائب السالف الذكر في قربة من جلد العنز أو الغنم، ثم ينفخ فيها كي يسهل الخض، ويربط فمها بخيط كي لا يخرج الهواء ثم تعلق على الأعمدة وتخض لمدة تتراوح بين 30 إلى 70 دقيقة تقريبا. وتستمر عملية الخض إلى أن تظهر حبيبات الزبد عائمة على سطح اللبن، حيث يضاف قليل من الماء البارد لتسهل عملية جمع الزبد باليد، أو كما تعمد بعض الناس إلى ترشيح محتوى القربة على قماش لاستخراج جميع الزبدة الموجودة فيه.


يكون لبن الخض غالبا شديد الحموضية. ونجد كذلك وصفا دقيقا من طرف الباحثين المصرين حول لبن الخض في مصر، والذي يختلف باختلاف الفصول، إذ أنه يصبح لبن الزير في فصل الصيف ويفصل الشرش ليستهلك كجبن. أما الأنواع التي تم العثور عليها في اللبن التقليدي المغربي فهي Lactococcus diacetylactis, Leuconostoc lactis وكذلك أنواع Leu. lactis و Leuconostoc cremoris بينما تقل أنواع الجنس Lactobacillus والتي اختلف فيها الباحثون المغاربة، لكننا تمكنا من عزل أنواع كثيرة من عينات اللبن البلدي، وك\لك عينات ألبان تم تحضيرها بالمختبر، وقد بينا أن هذه الأنواع موجودة كذلك في اللبن المغربي. وتنقسم أنواع البكتيريا اللبنية التي وجدت في لبن الخض المصري إلى مجموعة شتائية L. lactis Leu. citovorum dextranicum Leu. وأخرى صيفية وتضم كل من L. casei, L. brevis L. plantarum.

تتحول مكونات الحليب أثناء التخمر إلى مكونات بجودة غذائية عالية، وتظهر بروتينات خفيفة وبيبتيدات تلعب دور الوقاية والعلاج أكثرما تلعب دور التغذية، ويحتوي الحليب على بروتينات ضخمة غير ذائبة مثل الكزيين، وبروتينات أخرى ذائبة وخفيفة أو صغيرة الوزن وهي المكونات التي يصيبها بعض التحلل لتعطي البيبتيدات النشطة التي تدخل في النظام المناعي للجسم.

ويتحول سكر الحليب أو اللكتوز إلى سكريات بسيطة ومنها الكلوكوز والكلكطوز ويتحول السكر الأول أو الكلوكوز إلى حمض اللاكتيك بينما يبقى السكر الثاني في الحليب، والباكتيريا اللبنية لا تحلل الكلكطوز بل قد يكبحها فتتوقف عن النمو إذا تجمع بكمية كبيرة تحت تأثير التخمر.

وكون حمض اللكتيك هو الذي يتسبب في تجلط الحليب لأن الرقم الهايدروجيني pH ينخفض إلى مستوى 4.6 وهو الرقم الهايدروجيني الذي يتخثر عنده بروتيين الكزيين ليعطي اللبن الرائب أو الخثارة، وحمض اللاكتيك مطهر للجهاز الهضمي، ومبيد لكثير من باكثيريا القولون، وهناك مكونات أخرى مضادة للبكتيريا الممرضة تنتجها البكتيريا اللبنية أثناء التخمر، ويعرف حمض اللاكتيك بخاصيته المنعشة للجسم، ولذلك يعتبر لبن الخض أو اللبن المتخمر أحسن ما يمكن للإنسان أن يتناوله أتناء فصل الصيف.

وللبكتيريا اللبنية خاصية حل حمض الفيتيك الموجود في الحبوب، ولكي تكون الاستفادة كبيرة من الحبوب يجب أن تمزج بلبن الخض وهي وجبة اعتيادية بالمغرب حيث يعمد الناس إلى تهيئ كسكس الشعير أو الذرة خصيصا لهذه الوجبة حيث يفضل أن تكون بسميد الذرة عوض القمح وقد تكون بسميد الشعير حسب المناطق.

وقد تساءلنا كثيرا عن أصل وطبيعة هذه الوجبة والتي تسمى بالسيكوك، وعن تقدم علم التغذية عند أجدادنا وكيف توصلوا إلى هذه الوجبة، ولما وضعنا تقاربا مع علم التغذية في الإسلام وجدنا أن أصلها من التلبينة، وأن العرب الفاتحين لبلاد المغرب العربي هم الذين أدخلوها للمغرب. وقد توصلنا عبر البحث العلمي إلى أهمية هذه الوجبة، وأنها وجبة صحية وحموية ومغذية للأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات. ومزج الحبوب مع لبن الخض هي الطريقة الوحيدة التي تجعل الجسم يستفيد من مكونات الإثنين، لأن البكتيريا اللبنية هي الباكتيريا الوحيدة التي تقدر على حل حمض الفيتيك الموجود في الحبوب والذي يشد الأملاح المعدنية التنائية كالحديد والمنغنيز والزنك والكلسيوم. وهي وجبة تساعد على علاج السرطان، وتقي من التقرحات المعدية والإمساك وانتفاخ الأمعاء، وتساعد على تجنب عسر الهضم. وتحول دون الإصابة بالأنيميا بل هي علاج الأنيميا عند النساء والأطفال. وليس هناك حمية تساعد على الحد من السمنة إلا تناول هذه الوجبة التي تغني عن اللحوم والدسم والسكريات وتحتوي على الفايتمينات والمغذيات والأملاح المعدنية.

ونوضح للذين يصابون بالإسهال لما يتناولون اللبن أو السيكوك وينزعجون وربما يرتبكون ويذهبون إلى الطبيب أن من أصابه إسهال باللبن فعليه أن يتناول اللبن ثانية وثالثة حتى ينقطع الإسهال، لأن مفعول حمض اللاكتيك أن يطهر الجسم ولما يكون الجهاز الهضمي مريضا فطبيعي أن يقع إسهال عند تناول حمض اللاكتيك.

ويمكن حل مشكل الأنيميا بواسطة هذه الوجبة وجبات أخرى تساعد على جعل الحديد يمتص في الجسم بطريقة صحيحة وجيدة، أما إضافة الحديد إلى الطحين والزعم أن الطريقة حديثة ومدققة ومدروسة فهو كذب وبهتان. ويعتبر اللبن البلدي أحسن غذاء للمصابين بالسكري وارتفاع الضغط والكوليستيرول والسمنة. لأنه يحتوي على حمض اللكتيك الذي يعدل الحموضة في الأمعاء على مستو القولون، ويخلو من الكوليستيرول لأن البكتيريا اللبنية تشد إليها جزيئات الكوليستيرول ولا تتركها تدخل في الاستقلاب، وكذلك إزالة الزبدة ليكون المنتوج خالي من الدهون الحيوانية المشبعة. واللبن البلدي مغذي وغني بالأملاح المعدنية مثل الكلسيوم وغني بالفايتمينات خصوصا مجموعة B ويعتبر اللبن البلدي أحسن من الحليب بالنسبة للمصابين بهشاشة العظام. وعلى المصابين بالسكري الذين يتبعون الهرمي الغذائي المستورد أن يتبعوا الهرم الغذائي العربي فهو أحسن، وأن يتجنبوا جميع الأجبان إلا الكليلة العربية وأن يتناولوا اللبن البلدي إن وجدوه فهو خالي من الدسم، ويحتوي على حمض اللكتيك والفايتمينات.

وننصح بتناول السكيوك بسميد الشعير بالنسبة للمصابين بالسكري والسمنة وارتفاع الضغط والكوليستيرول والشحوم في الدم، وبتناول السيكوك بسميد الذرة البلدية بالنسبة للمصابين بهشاشة العظام والأطفال والسيليك، ومرض كروهن، والقولون، وحذار من الذرة المستوردة، وهذه الوجبة أي وجبة السيكوك يمكن أن يتناولها الشخص في أي وقت ولو مع طعام الإفطار.


فهذه الوجبات جد مغذية وفي غاية الأهمية وتصلح لكثير من الأعراض وسهلة التحضير ومتوفرة
هذه هي التنمية أما الهراء الإعلامي فلن يزيد الأمة إلا ضعفا وتخلفا


موقع الدكتور محمد فائد

شجرة الاركان

شـــجرة المغرب المباركة تنفرد بلاد المغرب فيما تنفرد به بشجرة يرجع تاريخها الى الحقبة الثالثة، وقد ورد وصفها في كتاب ابن البيطار، بالاضافة الى عدة كتب بحاثة غربيين في أزمنة خلت. انها شجرة الاركان أو الأرغان، وهي من الصنف ذاتي الانبات لا يوجد منها الا بالمغرب. وتعمر زهاء 250 عاما. وتنتشر علىضفتي وادي سوس من مدينة آسفي الى التخوم الصحراوية في الجنوب المغربي على مساحة 700 ألف هكتار.

شجرة سحريةأدرك السكان في منطقة الاركان وهم قبائل بربرية، الخصائص السحرية لشجرتهم المباركة منذ عهود طويلة، واعتمدوا عليها في غذائهم، وغذاء ماشيتهم، فكانوا يأكلون زيتها، ويستخدمون الثفل المستخرج من عصر جوزها في الوقود، وعلف الماشية، وصنع لبخات لعلاج جروحها واصاباتها وسخرته المرأة البربرية للعناية بجمالها، وأدخلته في الطب الشعبي لمنع الاجهاضوعلاج العقم.

ثم جاءت الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة لتعزز مكانة زيت الاركان ومنتجاته على الصعيد المحلي وتفتح له أبواب الأسواق الأوروبية على مصراعيها، فانهالت الطلبات من مختبرات شركات التجميل التي اصبحت تستخدمه كمكون نادر وثمين، والمحلات التجارية المتخصصة في بيع المنتجات البيولوجية، وعيادات الطب البديل والمطاعم الراقية في العواصم الكبرى مثل

نيويورك وباريس ولندن. وابتكر الطهاة طباقا محضرة من هذا الزيت، ولا يفوتنا هنا ان نذكر ان لحم الماعز الذي يتغذى على شجرة الاركان مرغوب أيضا لنكهته المميزة.

صحة

يحتويزيت الاركان استنادا الى التركيب الكيميائي على عدة أنواع من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشجعة المفيدة في تخفيض نسبة الكوليسترول السيئ من دون التأثير في مستوى الكوليسترول الجيد، والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة المفيدة للخلايا والمحفزة لإفراز البروسنغلندين (فئة سداسية من الأحماض الدهنية في الجسم)، الذي يساهم في تعزيز

مناعة

الجسم وقدرته على مقاومة الالتهابات وتنشيط الدورة الدموية، ولذلك ينصح به الأشخاص المصابون بأمراض الروماتيزم وأمراض القلب.

وزيت الاركان غني أيضا بالفيتامين E والأحماض الفينولية الأحادي منها والمتعدد وكلها عناصر مضادة للأكسدة، وهناك أيضا أحماض الأوميغا 6، والسابونينات الفعالة في مقاومة الفطريات والبكتيريا، والالتهاب وتسكين الأوجاع، بالاضافة الى السكريات والبروتينات، وقد كشفت دراسة أخيرة مقاومته للسرطان لاحتوائه على مادة Schottenol

في التجميل


أصبح زيت الاركان محط اهتمام كبير من قبل الباحثين بلغ أوجه هذا العام تحديدا، مما جعل المؤسسات التعاونية المنتجة له عاجزة عن تلبية الطلب المتزايد في الأسواق الخارجية، فبالاضافة الى فوائده العلاجية أظهرت الدراسات العلمية (مختبر انتر رجيونال دوباري مختبر SGS كريبان روان) في فرنسا وغيرها ان لزيت الاركان مزايا أخرى تتعلق بالجمال نجملها يما يلي

ـ الوقاة من خطط الحمل على جلد البطن.

ـ اعادة نضارة البشرة.

ـ تحفيز الوظائف الحيوية للخلايا عبر تنشيط وصول الأوكجسين اليها.

ـ ترميم الحاجز الجلدي.

ـ القضاء على الجذور الحرة.

ـ مقاومة شيخوخة الجلد.

ـ تغذية الشعر، وتنعيمه وحمايته من التلف.

ـ تقوية الأظافر.

ـ ترميم مطاطية الجلد ولدانته.

جودة مضمونةلا يمكن استخراج زيت شجرة الاركان الا بعصرة أولى وباردة مما يجعله مضمون الجودة، وتثمر الشجرة عند بلوغ 5 سنوات، وتعطي حوالي 15 كلغ من الثمار. وتحتوي البذرة الزيتية على 60 في المائة من الزيت، ويقارب انتاج المغرب منه 3400 طن.
لكن طريقة استخراجه لا تزال بدائية، اذ تقوم النساء في أوقات فراغهن بإزالة اللب عن الثمرة وتكسير القشرة الصلبة يدويا لاستخراج البذور، ثم تسخن فوق حرارة معتدلة في أوان فخارية وتطحن بالرحى. وبعد خلط العجينة الناتجة عن الطحن بالماء تعصر جيدا، ويفصل الزيت عن الماء بعد ذلك. غير ان الاهتمام الدولي بشجرة الاركان ترجم الى انشاء مؤسسات تعاونية مزودة بمعاصر حديثة سمحت بتوفير الكثير من الوقت والجهد وزيادة الانتاجية.

انقراضما فتئت الجهود تتضافر على المستويين المحلي والدولي لحماية جرة الاركان من الانقراض. فقد خسر المغرب نصف المساحة التي تغطيها غابات الاركان في ظرف قرن واحد، وما زال يخسر حوالي ستة هكتارات كل عام بسبب عوامل كثيرة منها الرعي الجائر، وقطع الاشجار وتكثيف الزراعة بالسهول.

ونظرا الى دور هذه الشجرة الكبير في الحفاظ على التوازن البيئي، صنفتها منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي في عام 1999.
ويتوقع ان يضمها الاتحاد الأوروبي الى قائمة المنتجات الزراعية ذات الجودة التي ستخضع لحماية خاصة ضد الاستخدام العشوائي. وهناك عدة مبادرات دولية تقدمت بها مؤسسات لمانية وفرنسية وبلجيكية وكندية ويابانية للحفاظ على غابة الاركان، وتنمية منطقة انتشارها، ودعم سكانها لتشجيع الانتاج
يجري معهد الكويت للأبحاث العلمية أول دراسة لزراعة الاركان في الكويت كما عمدت اسرائيل الى زراعة مئات الهكتارات منها في صحراء النقب منذ 1984,ويتوقع ان تصبح المصدر الرئيسي لتزويد مختبرات التجميل الكبرى في بلدان الشمالبزيت الاركان.
ويباع اللتر الواحد منه ب 43 دولارا مقابل 4دولارات للتر من زيت الزيتون .ويلقى اقبالا كبيرا من قبل الاسرائليين المنحدرين من أصول مغربية)حوالي 600 ألف نسمة)


مليكة بو شامة

http://perso.menara.ma

الزبدة البلدية أو التقليدية مادة غذائية ممتازة للأطفال

بعض المنتوجات أصبحت ناذرة، وأصبح ثمنها مرتفعا لعدم وجودها في السوق، وكذلك لجودتها العالية التي يعرفها المستهلك أكثر ما يعرفها الصانع. ورغم غلائها ونذرتها لايزال إقبال الناس عليها لم يتغير، وصورتها في دهن المستهلك لم تتغير، رغم المحاولات الكثيرة والقاتلة ككل المحاولات التي تحاول مسخ وطمس المنتوج الوطني الطبيعي بدريعة الجودة والقياسات الدولية. ونتكلم عن الزبدة البلدية التي يعرفها الناس، والتي تأتي من الحليب الطازج بالتخمر التلقائي الطبيعي على حرارة عادية، وخضه إلى أن تنفصل الزبدة عن اللبن المتخمر. والزبدة البلدية منتوج غذائي هائل. وما ويميزها عن المنتوجات الدسمة الأخرى هو احتوائها على الفايتمينات الطبيعية الضرورية للأطفال على الخصوص. وما يبهر في هذا المنتوج هو كونه يحتوي على كوليستيرول أقل بكثير من كل أنواع الزبدة الصناعية. وحتى نبرر هذا القول من الناحية العلمية، وليتذكر أولوا الألباب ممن يحذرون من الزبدة، فإن البكتيريا التي تقوم بتخمير الحليب وتسمى البكتيريا اللبنية تمتاز بخاصية إزالة الكوليستيرول من المواد الدسمة، فهي تجمع جزيئات الكوليستيرول وتشدها حولها من حيث يبطل مفعوله المضر. وقد أجرينا أبحاثا حول هذه الخاصية بالمختبر وتأكدنا منها. وبالتالي فإن السمن الذي يحضر بالزبدة البلدية يكون فيه كوليستيرول منخفضا أومنعدما بالمقارنة مع السمن المحضر من الزبدة الصناعية. وإذا كان من الممكن الرجوع إلى الزبدة البلدية بطريقتها العريقة الطبيعية، فإن الخصاص في الفايتمينات عند الأطفال يمكن ضبطه عبر التغذية وليس عبر الترقيع بإضافة هذه الفايتمينات.

والزبدة البلدية تحتوي على مكونات كابحة للجراثيم، ومنها مكون الدياسيتيل والأسيطالدهايد، وبذلك يبطل الادعاء بأن الزبدة البلدية فيها جراثيم وهو ادعاء خاطئ. ويظهر مكون الدياسيتيل كنتيجة لتأكسد الأسطوين أثناء الخض، وهي عملية أساسية بالنسبة للحصول على الزبدة. والزبدة البلدية باحتوائها على هذه المكونات ومنها حمض البيوتريك، وهو حمض من فئة أربع كاربونات، ومكون الدياسيتيل تكون من أجمل المنتوجات اللبنية وأحسنها نكهة ومذاقا، ولذلك يحبها المستهلك ويقبل على استهلاكها. وهذه المواد المنكهة الطبيعية تعجب الأطفال فيقبلون على استهلاكها، وبذلك يكونوا قد حصلوا على قدر هائل من الفايتمينات الضرورية للنمو. وأشهرها فايتمن أ وهو الفايتمن الأكثر أهمية بالنسبة للأطفال الصغار. ويمكن تزويد الصغار بالزبدة البلدية في الصباح مع تناول وجبة الفطور. والزبدة البلدية تساعد على النمو عند الأطفال وتزيد في الطول إلى جانب بعض المنتوجات الأخرى التي سنتكلم عنها فيما بعد.

وطبعا يجب أن يكون التخمر بطريقة سليمة، وليس أي تخمر وأن يستعمل الحليب كاملا، وبجودة جيدة من الناحية الصحية، وليس استعمال القشدة أو استعمال الحليب الذي لايصلح للمنتوجات الأخرى ونذكر بطريقة الحصول على الزبدة البلدية أو التقليدية حتى لا يقع الخلط،، وتفقد النصيحة معناها، وكذلك لتفادي الغش لأن نصائحنا تمتاز بالتدقيق، وتجتنب الشبهة وتتوخى الأساس العلمي، لكي لا نترك مجالا للتشكيك أو التأويل. والزبدة التقليدية هي الزبدة المستحرجة من تخمير الحليب الطازج دون معالجة بالحرارة ودون إضافة خمائر ويترك الحليب إلا أن يتجلط ويتخثر تحت الحموضة الطبيعية ثم يخض أو بمصطلح آخر يمخض حتى تعزل حبوب الزبدة فتؤخذ باليد مباشرة وتغسل بالماء ثم تحزن تحت البرودة.


التعليم بالوسط القروي: واقعه وأسس تنميته وتطويره

مقدمة:

ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المادة 64 على ما يلي ″يلتحق بالمدرسة الابتدائية الأطفال الوافدون من التعليم الأولي بما فيه الكتاتيب القرآنية. وبصفة انتقالية الأطفال الذين لم يستفيدوا من التعليم الأولي والذين بلغوا ست سنوات كاملة من العمر. يستغرق التعليم بالمدرسة الابتدائية ست سنوات موزعة على سلكين سيتم التطرق من خلال الموضوع الحالي إلى التعليم بالوسط القروي حيث يتناول وضعية الطفل من حيث مدى استفادته من التعليم الأولي، أو الكتاتيب القرآنية، مع التركيز على التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي بسلكيه، وذلك من حيث الموقع الجغرافي للمدرسة المركزية في علاقتها بالمدارس الفرعية، والمدرسة الثانوية في علاقتها بالمدرسة الابتدائية، وواقع التمدرس بهذه المؤسسات التعليمية القروية، ومردوديتها المدرسية. وانطلاقا مما يحتمه الواجب الوطني، ومن الواقع المدرسي المعيش ، وتوخيا لإرساء أسس متينة لإصلاح التعليم وتنميته وتطويره، نتقدم ببعض المقترحات، نتمنى أن تسهم في النهوض بالمجالات الحياتية ذات الصلة الوطيدة بالتعليم، خصوصا، بالوسط القروي. ونستدعي من خلال هذه المقالة المتواضعة القراء الكرام، ومن أعلى هذا المنبر المحترم، المشاركة بآرائهم واقتراحاتهم، التي تعتبر نبراسا نهتدي به، ونسير في ضوءه نحو إصلاح تعليمي شامل وفعال. لقد ركزت مختلف التقارير، وعلى رأسها تقرير المجلس الأعلى للتعليم، على ضعف المردودية الداخلية للمدرسة الابتدائية بالوسط القروي. كما كشفت عن ضعف مهول بخصوص تحكم التلاميذ في المعارف والكفايات الأساسية (القراءة والكتابة والحساب)، الشيء الذي يؤدي بشكل مباشر إلى الفشل الدراسي والانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة. كما بينت كذلك هذه التقارير أن نسبة كبيرة من تلاميذ الوسط القروي يغادرون المدرسة الابتدائية دون مستوى معرفي ولا تأهيل مهني، الشيء الذي يساهم في رفع نسبة الهدر المدرسي بشكل مهول، حيث يغادر المدرسة بشكل عام، حسب نفس المصادر، قرابة 390000 تلميذة وتلميذا كل سنة، نصفهم من التعليم الابتدائي. فما هي أسباب تدهور التمدرس بالوسط القروي؟ وما موقع المدرسة الابتدائية المركزية والفرعية جغرافيا في علاقتها بالجماعة القروية؟ وما موقع المدرسة الابتدائية الثانوية جغرافيا في علاقتها بالجماعة القروية؟ وما هي ظروف المدرسين بالوسط القروي؟ وما هي ظروف تمدرس الأطفال بالوسط القروي؟ وما هي السبل لتحسين التمدرس بالوسط القروي وتنميته وتطويره وضمان استمرار تمدرس التلاميذ دون هدر مدرسي إلى غاية حصولهم على شهادة الدروس الابتدائية وشهادة التعليم الثانوي الإعدادي وشهادة البكالوريا وتأهيلهم للتعليم الجامعي ومؤسسات تكوين الأطر على قدم من المساواة مع تلاميذ وطلاب الوسط الحضري؟

I.الموقع الجغرافي للمدرسة الابتدائية بالوسط القروي:

تضم الجماعة القروية عددا من المدارس المركزية، وكل مدرسة مركزية يدور في فلكها عدد من المدارس الفرعية حسب القرى والدواوير والمداشر المنتشرة بهذه الجماعة القروية. وقد تبعد المدرسة الفرعية عن المركزية بعشرات الكيلومترات. وتتموقع المدرسة المركزية والفرعية بالوسط القروي، حسب مزايدات الانتخابات ورؤساء الجماعات القروية والمستشارين الجماعيين والتخطيط المدرسي، في نقطة تلاقي المسافات الفاصلة بينها وبين مجموعة من القرى مختلفة الحجم السكاني والدواوير والمداشر. وقد تفوق المسافة التي يقطعها التلاميذ يوميا عشرة كيلومترات. وغالبا ما تضم المدرسة المركزية جميع المستويات التعليمية الابتدائية بأعداد التلاميذ مختلفة قد ترتفع وقد تنخفض بكل قسم موزعة على مدرسين معربين منهم ومزدوجين. أما المدرسة الفرعية، فيمكن أن تضم جميع المسويات التعليمية، لكن الأقسام في الغالب غير مستقلة بل مشتركة، حيث يسند إلى المدرسين العاملين بكل فرعية عدة مستويات يعملون مع تلامذتها بشكل جماعي. ويفوق عدد المدرسين، في الغالب، اثنين بكل فرعية. ويتم إحداث المدارس الفرعية بدواوير أو مداشر معزولة داخل الجماعة القروية، فلا طرقا معبدة ولا مسالك واصلة، ولا كهربة ولا مدا لقنوات المياه الصالحة للشرب ولا قنوات لصرف المياه.

II. الموقع الجغرافي للمدرسة الثانوية بالوسط القروي:

يوجد، على الصعيد الوطني، عدة جماعات قروية مترامية الأطراف، تمتد على مساحة شاسعة وتضم عدة قرى ودواوير ومداشر متفاوتة الحجم والكثافة السكانية. ولتقريب خدمات التعليم الثانوي من التلاميذ الحاصلين على الشهادة الابتدائية، بادرت الوزارة الوصية والسلطات العمومية والجماعات القروية بإحداث مدارس ثانوية إعدادية، في بعض القرى، تستقبل التلاميذ الوافدين من عدة مدارس ابتدائية. ومعلوم أن القرية التي تقام على ترابها المدرسة الثانوية الإعدادية تفصلها عن القرى التي يفد منها التلاميذ عدة كيلومترات، تفوق في الغالب العشرة. ومعلوم كذلك أن المدرسة الثانوية الإعدادية لا تتوفر في الغالب على داخلية تضمن الغذاء والإيواء للتلاميذ، خصوصا غير القاطنين، بالقرية التي توجد بها المؤسسة التعليمية. ومعلوم كذلك أن أغلب القرى معزولة بعضها عن بعض، تتميز بصعوبة التضاريس ووعورة المسالك وغياب وسائل النقل، كما تتميز بمناخ جد متقلب: الحر صيفا، والأمطار والرياح والعواصف المطرية والثلوج شتاء. في هذه الظروف المناخية يقطع التلاميذ، ذهابا وإيابا بين محلات سكناهم والمؤسسة التعليمية مسافات طوالا، يعانون الإرهاق الجسدي والأزمات النفسية.

• فكيف يتابع التلاميذ مجريات الدروس المتوالية يوميا؟

• وكيف يحققون تحصيلا دراسيا مؤهلا لتجاوز مختلق الامتحانات؟

• وما طبيعة النتائج المدرسية التي يسجلونها في آخر كل سنة دراسية، وفي نهاية السلك التعليمي؟ وللعلم، فإن الواقع أثبت، عبر سنوات متوالية أن النتائج العامة، لأغلب التلاميذ الوافدين على المدرسة الثانوية التأهيلية، تقل بكثير عن المعدل المثالي عشرة من عشرين. كما أن التلاميذ الذين يتابعون دراستهم الثانوية بالوسط القروي يحققون أضعف النتائج كما وكيفا في امتحانات نيل شهادة البكالوريا.

III. ظروف المدرسين بالوسط القروي

أغلب المدرسين يقطعون، يوميا، مسافات طوالا بين سكناهم ومقرات عملهم سواء بالمدرسة المركزية أو الفرعية، باعتماد جميع وسائل النقل المتاحة من نقل عمومي مرخص ونقل سري محظور ودواب مختلفة. علما أن هذا التنقل محفوف بمخاطر جمة، من حوادث قاتلة إلى عاهات مستديمة إلى عجز نهائي عن العمل. وقد تستغرق رحلة المدرس إلى مدرسة فرعية، خصوصا، في المناطق النائية، يوما كاملا على الأرجل أو على ظهر دابة، معرضا لكل الأخطار القاتلة، من عواصف مطرية أو رملية أو رياح عاتية إلى فيضان أنهار ووديان بأشكال مباغتة، تجرف الشجر والحجر دون سابق إنذار وفي غياب قناطر وجسور رابطة بين ضفتي النهر أو الوادي. إن معاناة المدرس، بالوسط القروي، كان يتنقل أو يقطن، شديدة. فمن يتنقل من المدرسين معرض لأخطار كثيرة ومتنوعة، ومن يقطن، يعاني الأمرين، قبل وصوله مقر عمله ومحل سكناه، وبعد وصوله، حيث غالبا ما يحول حيزا من إحدى قاعات الدرس إلى بيت للنوم وطهو الطعام والأكل، ليسيل لعاب التلاميذ الجياع منهم، وهم يتلقون الدروس. أما أثاث البيت فيثير الشفقة: طاولة، فراش، غطاء، مخدة. وأدوات الطهو لا تعدو أن تتعدى قنينة غاز وطنجرة صغيرة وبرادا أو إبريقا وكأسا وملعقة وسكينا. أما التغذية والمواد الغذائية فترتكز أساسا على القطاني وبعض المصبرات التي يتسوقها المدرس حسب بعده وقربه من الأسواق الأسبوعية. ومن المدرسين من يقتنيها من المدينة، موطن سكناه الأساسي، حين يزور عائلته أو أسرته أو أقاربه، أو من المدن القريبة من مقر عمله مرة خلال فترة زمنية غير يسيرة. أما من حيث مواكبة المستجدات التربوية والتعليمية، فلا كتبا جديدة يرجع إليها المدرس. ومن حيث تتبع الأخبار بالصوت والصورة فلا تلفازا. أما من حيث وسائل الإعلام المكتوبة فلا جرائد، باستثناء مذياع، يشتغل ببطارية دانييل أو فولتا، يمنحه شيئا من الترفيه والتسلية. أما الإنارة فتتم بواسطة قنينة الغاز أو الشمع أو أحد مشتقات البترول، التي تنعكس سلبا على الصحة الجسمية والنفسية. وتتميز مزاولة المدرس لمهنته بالمدرسة بالوسط القروي، خصوصا بالفرعية، بصعوبات جمة، سواء على صعيد التلقين أو التعامل مع التلاميذ، الذين غالبا ما يختلفون عنه من حيث الجوانب الثقافية. أما من حيث التلقين، فالعمل في إطار الأقسام المشتركة يتميز بصعوبات كثيرة، خطابات مختلفة، مصطلحات كثيرة، متطلبات التلاميذ متباينة من قسم لآخر ومن تلميذ لآخر، مع غياب التجهيزات والوسائل المساعدة، وعدم استفادة المدرس من الندوات واللقاءات التربوية والتأطيرية. أما المفتشون التربويون، فيجدون صعوبات كثيرة لزيارة المدرسين والوقوف على نوعية ممارساتهم التربوية وعلاقتهم مع التلاميذ. فلا يقومون بتأطير المدرسين وتتبع عملهم بالشكل المطلوب، حيث يواجه المدرس عدة مشاكل إدارية، لا يتم تقييم عمله إلا نادرا، ولا يستفيد من الترقيات في الوقت المناسب، وفي المدة العادية للأقدمية المطلوبة، حتى يتخيل له أنه منفي وتم نسيانه. أما المديرون، الذين يفترض فيهم مواكبة أعمال المدرسين، فلا يستطيعون زيارة المدارس الفرعية لتفقد أحوال المعلمين للرفع من معنوياتهم ومساعدتهم على القيام بواجبهم والوقوف على نوعية المشاكل التي تعترضهم، نظرا لبعد المدرسة الفرعية عن المركزية، ووعورة المسالك وخطورتها، ومباغتة الفيضانات أحيانا، وكثرة الكلاب الضالة أو حتى بعض الحيوانات المتوحشة.

IV. ظروف تمدرس الأطفال بالوسط القروي

سواء تعلق الأمر بالمدرسة المركزية أو الفرعية، وخصوصا الفرعية، فإن أغلب التلاميذ يقطعون يوميا مسافات ليست يسيرة على الأرجل وأجسامهم غضة وبنيتهم الجسمية نحيفة، مرورا بمسالك وعرة، بين الأحراش والأدغال، تكتنفها مخاطر كثيرة، الحر والغبار صيفا، والبرد والأوحال شتاء، وفيضان الوديان المباغت الذي يتهددهم بالموت في كل آن وحين، فلا قناطر ولا جسورا تسهل تنقلهم بين ضفتي الأنهار والوديان. وقد يتطلب قطع التلاميذ المسافة الفاصلة بين المدرسة ومحل سكناهم مدة زمنية ليست قليلة، قد تصل في بعض المناطق إلى ساعتين، يعانون خلالها التعب والقلق وكل الضغوطات النفسية خوفا من الأمطار والعواصف والفيضانات والكلاب التي يمكن أن تباغتهم في كل حين ودون سابق إنذار. ففي أي حالة جسمية ونفسية يصلون المدرسة؟ وفي أي ظروف يتلقون الدروس؟ وهل يستوعبون الملقن لهم؟ والحالة هذه أنهم، ينال منهم الجوع مناله كل يوم، خصوصا مع ضعف خدمات المطاعم المدرسية، أو عدم وجودها ببعض المدارس الفرعية، ويفكرون في كل لحظة في العودة إلى منازلهم، وفي معاناة الطريق والمسالك وصعوباتها ومخاطرها. وتستغرق العودة إلى المنازل وقتا، يصل التلميذ إلى منزله وقد خارت قواه ونال منه التعب مناله. في هذه الحالة، هل يراجع التلميذ دروسه؟ وهل يستطيع إنجاز واجباته المنزلية؟ يركن إلى النوم ليستيقظ غدا صباحا، يذهب إلى المدرسة، يقطع مسافة طويلة، يجلس أمام المدرس شاردا، يتخيل طريق العودة وأخطارها، وهكذا يومه كغده، وتستمر المعاناة أسبوعا بعد آخر، وشهرا بعد آخر، وينتقل في آخر السنة الدراسية !!. لا استيعابا بالشكل المطلوب، ولا تحصيلا لجل المعارف الملقنة، ولا نتائج مؤهلة لأغلبية التلاميذ، ولا مردودية مدرسية تعكس الأهداف المرجوة. وقد ورد في تقرير المجلس الأعلى للتعليم أن التلميذ المسجل بالسلك الابتدائي كي يستكمل هذا الطور يلزمه 10,4 سنوات - تلميذ عوض 6 سنوات – تلميذ الضرورية، حيث تبقى نسب الانقطاع الدراسي العامة بالتعليم الابتدائي مرتفعة إذ تبلغ في المتوسط 5,7% ، وترتفع هذه النسبة بارتفاع المستوى الدراسي(10,4% بالسنة السادسة ابتدائي سنة 2005).

V. أسس تنمية التعليم بالوسط القروي وتطويره

أسس تنمية التعليم بالوسط القروي وتطويره والاحتفاظ بالتلاميذ إلى غاية حصولهم على شهادة البكالوريا والتحاقهم بالتعليم الجامعي ومؤسسات تكوين الأطر: من خلال ما أسلف، ومن شدة معاناة المدرسين والتلاميذ بالوسط القروي، يمكن الجزم أن من خصائص المنظومة التربوية انعدام تكافؤ الفرص التعليمية، حيث يمكن ملامسة، من خلال النتائج السنوية العامة، باعتماد مقارنة بسيطة بين نتائج تلاميذ الوسطين الحضري والقروي، فوارق شاسعة من حيث الكم وكذلك من حيث الكيف. إذ يجد التلاميذ الوافدون من الوسط القروي صعوبات كبيرة في مجاراة الدروس ومواكبة ركب تلاميذ الوسط الحضري بالسنة الأولى ثانوي إعدادي ، بشهادة أغلب المدرسين. أما من حيث الجنس، فالفتاة القروية، في بعض المناطق، لا تلج المدرسة، لعدة أسباب، منها وعورة المنطقة الجغرافية وبعد المدرسة عن محل سكناها وتخوفات أولياء أمرها والثقافة المحلية. وإذا تسجلت فإنها ما تلبث أن تغادر المدرسة في سن مبكرة من أجل مساعدة أسرتها في عدة أعمال بالمنزل أو الحقل والرعي أو جلب الحطب والمياه. فكيف يمكن الاحتفاظ بالتلاميذ، بالمدرسة الابتدائية، إلى غاية حصولهم على الشهادة الابتدائية في المدة اللازمة؟ وكيف يمكن الاحتفاظ بالتلاميذ، بالمدرسة الثانوية، إلى غاية حصولهم على شهادة الدروس الإعدادية، ثم شهادة البكالوريا، في المدة اللازمة؟ وكيف يمكن تحسين مردودية التعليم بالوسط القروي كما وكيفا لضمان متابعة التلاميذ دراستهم بالتعليم الجامعي على قدم من العدل والمساواة بين جميع التلاميذ بالوسطين الحضري والقروي على الصعيد الوطني؟ إن الواقع التعليمي بالوسط القروي المأزوم وفق ما نعيشه وما نلمسه يوميا في قرانا وبوادينا المغربية ، يحتم علينا، التفكير في أساليب وحلول ناجعة لتجاوز الصعوبات التي تعاني منها المدرسة بالوسط القروي، نتيجة الظروف الموصوفة والمعروضة في الفقرات أعلاه، من أجل تمكين أطفال القرى والمداشر والدواوير النائية من متابعة دراستهم الابتدائية إلى غاية تخطيهم عتبة القسم السادس الابتدائي وتوفرهم على رصيد معرفي وتكويني مؤهل، لمواجهة متطلبات السلك التعليمي الثانوي والجامعي. واعترافا من كل المتتبعين،

لا يجادل أحد، أن الدولة والحكومة والوزارة الوصية قد أعدت برامج وخططا واستراتجيات متنوعة بناء على دراسات وتشخيصات معمقة لوضعية المدرسة بالوسط القروي من أجل تحسيس القرويين بأهمية تمدرس الأطفال وتشجيعهم على مدرسة أبنائهم، إلا أنه ومن موقعنا، كمواكبين للعملية التعليمية التعلمية، وكمهتمين بالمجال التربوي، نعتقد أهمية بعض المقترحات التي من شأنها الرفع من قيمة التمدرس وتطوير خدمات المنظومة التربوية بالوسط القروي. فبعد معايشتنا واقع التمدرس والتعليم بالوسط القروي، وبعد قيامنا بدراسات مختلفة تناولت موقع المدارس الفرعية بالنسبة للمدرسة المركزية، وتسجيل معاناة التلاميذ والمدرسين والمديرين والمفتشين والآباء والأولياء، وحيث إنه لا يمكن عزل النظام التعليمي عن مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تكونت لدينا قناعة، وتقديرا لما يمليه الواجب الوطني، للمشاركة بمقترحات قد تسهم في إصلاح منظومة التربية والتكوين ببلادنا، خصوصا بالوسط القروي، على امتداد جميع الأسلاك التعليمية، انطلاقا من التعليم الأولي، مرورا بالتعليم الابتدائي وصولا إلى التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي. فما هي شروط إرساء قواعد متينة لتعليم أولي جماعي ناجع يستفيد من خدماته جميع الأطفال بالوسط القروي؟ وما هي شروط إرساء قواعد متينة لمدرسة جماعية قروية ابتدائية وثانوية حتى يحقق التعليم بالوسط القروي الأهداف المرجوة على الصعيد الوطني؟ وما هي أسس تنمية التعليم بالوسط القروي وتطويره؟

1. من حيث البنى التحتية والتجهيزات:

من المعلوم أن كل جماعة قروية تشمل عدة قرى، تبتعد عن بعضها مسافات طوال، حيث يستغرق الذهاب من قرية إلى أخرى عدة ساعات، مشيا على الأقدام أو على ظهور البهائم، وفي أحسن الأحوال على متن سيارات غير مريحة تركض وسط الغبار المتطاير والحجر المتناثر، ووسط الأوحال والمسالك الوعرة في الثلوج وبين الوديان والأنهار التي يمكن أن تجرفها في كل حين. انطلاقا من هذا الواقع، ولتشجيع تمدرس الأطفال القرويين والاحتفاظ بهم بالأسلاك الدراسية سواء خارجيين أو داخليين، فإن الضرورة تدعو إلى:

• فك العزلة عن القرى والدواوير والمداشر وربط بعضها البعض وذلك بشق الطرق وتعبيدها ومراقبتها وصيانتها تفاديا للتلاشي والتخريب والضياع؛

ربط التجمعات السكنية القروية، مجتمعة كانت أو متفرقة، بطرق معبدة بالمدن الكبيرة والصغيرة وتقريبها من التمدن والحضارة؛

• بناء قناطر وجسور على الوديان والأنهار رابطة بين التجمعات السكنية القروية؛

• توفير النقل العمومي والسهر على خدماته الاجتماعية، وتمكين الجماعات القروية من رخص النقل الجماعي باستعمال سيارات خفيفة وحافلات بأثمنة مدعومة تكون في متناول سكان البوادي؛

2. من حيث الجوانب الاقتصادية والمهنية:

يطلق على سكان القرى والبوادي أنهم فلاحون؛ فهل هم فلاحون فعلا؟ علما أن أغلبهم لا يمتلك قطعة أرضية فلاحية. فهم يحرثون ويزرعون وينتجون، وأي إنتاج؟ فمنهم من يزرع الزيتون ويشتري الزيت، ومنهم يحرث الأرض ويشتري الدقيق، ومنهم من يرعى الغنم والبقر والماعز والإبل وغيره ويشتري أضحية العيد أو ذبيحة أي مناسبة: إن أغلبهم بكل بساطة ينتج قوت يومه بالثلث أو الربع أو الخمس. ومنهم من يعمل أجيرا في ضيعات لا يمتلك منها شيئا، مقابل أجر لا يمكنه من حاجياته المعيشية الأساسية، فبالأحرى أن يسد مصاريف وتكلفة تمدرس أبنائه وتعليمهم من التعليم الأولي إلى أعلى مستوى دراسي يؤهلهم للحياة العملية. لهذا بات من الضروري، الاعتناء بجميع سكان البوادي والقرى وذلك بمنحهم قطعا أرضية صالحة للزراعة ومساعدتهم بالبذور والأسمدة والتقنيين المتخصصين في المجال الفلاحي والحيواني والتقنيات النباتية وبناء السدود وتوسيع مساحات الأراضي السقوية وتجهيزها وتطوير الفلاحة العصرية، للرفع من مستوى عيش القرويين حتى يستغنوا عن تشغيل أبنائهم ويوجهوهم إلى المدرسة ويتتبعوا خطواتهم التعليمية والمهنية، حتى يساهموا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وقد امتلكوا ناصية العلم والمعرفة وتمكنوا من التكنولوجيا الحديثة.

3. من حيث الوضعية الاجتماعية:

إن أغلب القرويين لا يمتلكون منازل صحية تقيهم البرد شتاء والحر صيفا، كما أنها غير موصولة بالكهرباء والماء ودورة صرف المياه، الأمر الذي يعرضهم لمختلف الأمراض التي تنهك أجسادهم وتصرفهم عن الاعتناء بأبنائهم وتسجيلهم بالمدرسة وتتبعهم. كما أنهم يشتغلون في المجال الفلاحي دون قانون شغل يحميهم شر الحوادث ودون ضمان اجتماعي يضمن حقوقهم العمالية في التقاعد والتطبيب وغير ذلك مما يحفظ كرامة الإنسان، عموما، والقروي على الأخص لتوفير له الظروف المناسبة للسهر على مدرسة أبنائه منذ التعليم الأولي إلى غاية تأهيلهم معرفيا ومهنيا.

4.من حيث الجوانب الثقافية والإعلامية:

يعاني أغلب سكان البادية الجهل والأمية، حيث إنهم يعتبرون ضحايا المدرسة التي كانت بعيدة عن محلات سكناهم أو لم تكن أصلا. واليوم وقد أتيحت لهم الخدمات التعليمية، فهل هم واعون بها وبأهمية تمدرس أبنائهم؟ إنه بات من الضروري التعريف بالتعليم الأولي والمدرسة الجماعية باعتماد جميع الوسائل البشرية والمادية من سلطات محلية ومنتخبين وإذاعة وتلفزة وجرائد محلية وجهوية ووطنية. كما أن تمكين المربين والمدرسين من الثقافية المحلية والجهوية يعتبر من أساسيات تكوينهم المهني والأكاديمي للتعايش بالوسط القروي والتواصل بكل سهولة مع القرويين على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والثقافية.

5.من حيث الجوانب الطبية

إن أغلب القرى تفتقر للمراكز الطبية والمستشفيات، حيث تشهد الخدمات الصحية نقصا مهولا: فلا إسعاف في حينه، ولا تطبيب ولا تمريض. فالمرضى والنساء الحوامل يقطعون مسافات إما على سيارات متعبة أو على ظهور البهائم. ومن النساء من تضعن حملهن في منتصف الطريق، ومن المرضى من لا يصل المركز الطبي. لقد بات من الضروري، لضمان تمدرس الأطفال القرويين، العناية بهم صحيا، وذلك بتقريب مراكز طبية من سكان القرى، يسهر عليها أطباء وممرضون وأعوان قارون، يوفرون جميع الخدمات الطبية للمواطن القروي، ويسهمون في محاربة الأمراض التي تفتك خصوصا بالأطفال الذين تنتظرهم المدرسة والتكوين المهني والإدماج في الحياة العملية والإنتاج والمساهمة في التنمية القروية والاجتماعية عموما.

6. من حيث الجوانب التربوية والإدارية:

ولتوفير عناء تنقل المدرسين والمديرين والمفتشين، حتى يتفرغوا كليا للعمل التربوي والإداري، ويسهروا على تربية الناشئة القروية وتعليمها وتأهليها لخوض غمار الحياة مسلحة بالعلم والمعرفة ومؤهلة مهنيا ومساهمة في التنمية الاجتماعية وفق ما ينص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكل مخططات الإصلاح التعليمي، فإنه من الأفيد بناء سكنيات إدارية ووظيفية يستفيد منها المدرسون والمديرون والمفتشون والممرضون والأعوان الساهرون على القسم الداخلي، من أجل تقريب جميع الخدمات الإدارية والتربوية والاجتماعية من التلاميذ، وفي حينها.

خاتمة:

إن العوامل المعروضة أعلاه وغيرها، يمكن أن يتفضل بها القارئ الكريم، وكل مواطن حضري أو قروي، عايش أو يعايش الساكنة القروية ولامس واقعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، تعتبر، في اعتقادنا، أسسا متينة ينبني عليها التعليم بالوسط القروي وتضمن الارتقاء به وتطويره، وتمكنه من تحقيق انتظارات المجتمع المغربي برمته، وذلك وفق توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وتقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي يشرع في تنفيذ مضامينه في القريب العاجل.

إعداد:
نهاري امبارك
مفتش في التوجيه التربوي، مكناس.


المراجع المكتوبة:
1) الميثاق الوطني للتربية والتعليم، 2000، المغرب.
2) الدكتور العربي الوافي، أي تعليم لمغرب الغد؟، الطبعة الأولى: 2005 منشورات مجلة علوم التربية-1-، مطبعة الجديدة، الدار البيضاء، المغرب.
3) الدكتور عبد النبي رجواني، حول الإصلاح التعليمي، مساءلة الخطاب ودعوة الاستشراف، مطبعة النجاح الجديدة،2007 ، الدار البيضاء، المغرب.
4) 50 سنة من التنمية البشرية، المغرب الممكن، تقرير الخمسينية، مطبعة دار النشر المغربية، 2006، الدار البيضاء، المغرب.
5) مجلة التربية والتكوين، الإصلاح التربوي في المغرب، العدد1، 2006 ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب.


المصدر :
وجدة سيتي

من الأكثر حضورا وانضباطا في قطاع التعليم؟



إن الغياب غير المبرر للموظف هو خيانة للأمانة، و مساطره من الناحية القانونية معروفة و معلومة لدى الجميع و لا يحتاج أحد أن يجعله شعارا من أجل الإصلاح أو يخصص له مذكرات للتصدي له إلا في حالة واحدة و هي انحطاط الإدارة و سباتها حتى باتت لا تؤدي أبسط واجباتها و هي مراقبة الغياب، مما يعني أنها كانت غائبة فعلا. و إذا أخذنا التعليم كنموذج فإن منظومته تتكون من فئات و أطر متعددة بدءا بالأستاذ و انتهاء بالوزير مرورا بالمدير و المفتش و العاملين بالنيابات و الأكاديميات و أطر التوجيه و التخطيط و الإقتصاد … كلها حلقات أساسية و كل خلل في أحدها سيصيب القطاع ما أصابه اليوم، لكن مسؤولو هذا القطاع عندما يتحدثون مثلا عن الغياب لا يتحدثون إلا عن غياب الأستاذ و يأتون بإحصائيات قد يكون الواقع أكثر منها: لكن الذي لا يذكرونه و يتغاضون عنه هو محاسبة الجميع بما فيه أنفسهم بطبيعة الحال، و أنا اتحداهم أن يعطوا نسبة غياب المؤطرين و موظفي النيابات و الأكاديميات و الوزارة و كل الفئات لأنهم سيكتشفون العجب العجاب منها الموظفون الأشباح و سيجدون فئات قد لا تعمل في السنة بكاملها سوى 30 ساعة في أحسن الأحوال و هي التي يعملها أستاذ التعليم الإبتدائي في الأسبوع فقط على سبيل المثال…

إنه من باب الأمانة العلمية أن تكون الإحصاءات شاملة و غير مبتورة و إلا فهي مردودة و تمرر ايديولوجيات معينة. إن فكرة الموظف الصغير هو الذي يخطىء دائما و يجب أن يكون باستمرار تحت المجهر تنم عن ديكتاتورية العصور الغابرة، و هي من النتائج الأولية للبرامج الإستعجالية أو الإرتجالية للإصلاح المزعوم. و نحن كمدرسين نعتبر بعض المذكرات : كالمذكرة 162 الصادرة بتاريخ 14 أبريل 2008 والمذكرة 60 للدخول المدرسي و غيرها مذكرات استفزازية من ناحية تحميل الأستاذ وحده فشل التعليم أو أنه الأكثر غيابا. لقد نسي هؤلاء أن الأستاذ هو الأكثر حضورا، و هو الذي ينجح الإحصاء العام في كل مراحله و العمليات الإنتخابية بكل أصنافها و عبر العصور و هو الذي ينتج أمثال مسؤولينا.

و إذا كان الشاعر قد قال :
قـم للمعلـم وفـه التبجيـلا ***كـاد المعلم أن يكـون رسـولا

فتمت شاعر آخر قد قال :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** و إذا أنت أكرمت اللئيم تـمردا


و عموما أشير إلى أن أخطر غياب هو غياب إرادة الإصلاح

الذي يتجلى في غياب التكوينات المستمرة و غياب البنيات التحتية و التجهيزات و غياب ترقية حقيقية و غياب كليات لعلوم التربية تستفيد منها الأسرة التعليمية أو على الأقل فئة التأطير بدل اجترار مصطلحات مترجمة، مستوردة و غير محينة و كذا غياب استراتيجية واضحة للإصلاح إذ كل مسؤول يركز على جزء من المشكل يتخبط فيه طيلة ولايته معتقدا أن اصلاحه هو إصلاح المنظومة، حتى بات هذا القطاع حقلا للتجارب … فهذه قد تكون أهم أسباب الفشل الذي لا يريد أحد إصلاحه. إن الإصلاح يا سادة شمولي و يجب أن تتظافر له كل الجهود و يتجند له الجميع و تنخرط فيه كل الطاقات، فعلى سبيل المثال : منح الشواهد الطبية لغير مستحقيها سيجعل من الصعوبة التمييز بين الغياب المبرر و غير المبرر. وكذلك وجود موظفين أشباح في كل القطاعات و المدعمين من طرف كبار المسؤولين ناهيك عن انتشار الرشوة و المحسوبية و الزبونية و الإختلاسات، كل ذلك سيقف سدا منيعا أمام أي إصلاح و سيتم تمويهنا بمذكرات بات من الواضح أنها لن تأتي بأي جديد ما دام غياب الضمير هو آفة الأغلبية. و نحن كأساتذة يحز ذلك في أنفسنا غيرة على هذه البلاد و يصعب علينا أن نشير بأصابع الإتهام إلى فئة معينة بأنها سبب الفشل لأن ذلك يدل على قصور في فهم الإصلاح في شموليته بل نعتبر أن الجميع يتقاسم هذه المسؤولية كل حسب موقعه، أما إذا كان حالنا هو تبادل التهم فآجرنا الله و إياكم في الإصلاح.



رضـــوان الرمتــــــي - مراكش
موقع تربويات

سلطة التلميذ المشاغب ..



قبل أيام ,أثناء انعقاد مداولات الأقسام ,استوقفتني حالة تلميذ راسب ومشاغب ...
طلب المدير من الأساتذة أن يقرروا إن كانوا سيسمحون له بالتكرار للمرة الثانية أم لا, خصوصا وأنه استوفى السنوات المسموح له فيها بالتكرار, وعادة ما يمنح المجلس فرصة أخرى للتلميذ الذي لايعرقل المسار الدراسي داخل الفصل ..
أبدى المدير أولا ملاحظته حول سلوك التلميذ , واعتبر منحه فرصة أخرى بدون جدوى, لكن أحدا من الأساتذة لم يجرؤ على إبداء رأيه, ولاذ الجميع بالصمت, وكأن هذا التلميذ يحمل سيفا مسلطا على على رقابهم ,وانتهت القصة بالسماح لهذا المشاغب الفذ بالتكرار ثانية...

أصبح التلميذ المشاغب وخصوصا المنحرف , يفرض في أحيان كثيرة نفسه على المدرسة فرضا , سواء حضر أوغاب, واللوم لا يقع في نظري على التلميذ بل على المدرسة ,حيث أصبح المربي سواء كان إداريا أو من هيئة التدريس , وفي أحيان كثيرة أنانيا وسلبيا بل وجبانا...

إن المشهد الذي وصفته تتكرر أمثاله في مواقف أخرى فكم من تلميذ توعد أستاذا أو إداريا بعد أن علم أنه مهدد بالفصل ,وكم من أستاذ تغاضى عن حالات واضحة للغش لأن مرتكبيها معروفون بسلوكهم المشاغب أو لنقل المنحرف..

والخلاصة أن للتلميذ المشاغب سلطة مادية ومعنوية على المدرسة بأطرها وتلامذتها ,فهو يوجه التلاميذ داخل القسم ,ويلفت انتباههم إما بتهريجه أو بفوضويته ,وعلى الاستاذ أن ينفق وقتا من الحصة المخصصة للدرس لمعالجة الأمر, وربما يفعل ذلك عند كل حصة ,وإذا قرر طرد هذا العنصر من القسم فسرعان ما تعيده الإدارة , كما أن زملاءه من التلاميذ التلاميذغالبا ما يكونون في صفه, ويتعاطفون معه إلى حد بعيد إما خوفا منه أو طمعا في حمايته ..

ويبدو لي أننا لم نعد نلج الأقسام للتدريس, بل فقط لسجن التلاميذ واستحمال شغبهم إلى أن يعلن الجرس نهاية الحصة, وبالتالي الإستعداد لتلقي مجموعة جديدة من السجناء ....


أم عبد الرحمان
5 يوليو 2008

أسر مغربية رفعت الراية البيضاء واستسلمت للأجنبي للقيام بمهمة تربية أبنائها


يرى الكثيرون أن الأسرة هي العنصر المحوري في العملية التربوية وهي باعتبارها المحضن الأول للطفل تعتبر المنبع الرئيسي للقيم والمسؤول الأول عن تربية الطفل وتعهده وإعداده للمستقبل، لكن في ظل الضغوطات الكثيرة التي أصبحت تحاصر الأسرة وتستنزف طاقتها وجهدها، أعلنت كثير منها استسلامها طوعا أو كرها لأن المؤثرات الخارجية أقوى وأكثر تأثيرا، لكن بالمقابل ما تزال أسر أخرى تركب موجة المواجهة والمقاومة.

هل فعلا الأسرة ما زال لها دور مؤثر في تربية الأبناء؟ وكيف يمكن للأسر أن يكون لها دور فاعل ومؤثر في ضوء الإكراهات التي تعيشها والضغوطات اليومية التي أصبحت تسحب البساط من تحت قدميها لصالح تدخل مؤثرات وعوامل أخرى اصبح تأثيرها على الطفل أكبر من تأثير الأسرة؟

حيرة الآباء

في الوقت الذي ما زالت فيه كثير من الأسر المغربية تؤمن بأن الأسرة ينبغي أن يكون لها وظيفة مؤثرة وفاعلة في تربية الطفل، وأن التعاون بين الوالدين وتشاركهما في بناء خطة تربوية أمر واجب وضروري حتى تكون لتعبهما وأسلوبهما التربوي نتيجة، توجد أسر أخرى رفعت الراية البيضاء وأعلنت الاستسلام أمام السيل الجارف للمؤثرات الخارجية التي لم يعد لبعض الآباء قدرة على مواجهتها، السيدة ”ربيعة” معلمة وأم لطفلين تصف عملية التربية بكونها ”حربا” ينبغي الإعداد الجيد لها من قبل التفكير في إنجاب الأطفال، والتوفر على إمكانيات وقدرات متجددة حتى يضمن المرء نجاحه فيها، وتضيف بأن كثير من الأزواج عندما يفكرون في الإنجاب يستحضرون الجانب المادي فقط، ولا يفكرون هل هم مؤهلين ليكونوا آباء صالحين وإيجابيين في حياة أطفالهم، وإذا كانت ربيعة تعتبر أن التربية ”حرب” فإن ”عمر” وهو موظف يؤمن بالمثل القائل ” المربي من عند ربي” فهو والد لأربعة أبناء ما بين مراهقين وأطفال، يقول بأنه وزوجته يعملان ويسعيان لتوفير الاحتياجات المادية والتربوية لأبنائهم بكل جهد ورغم اعتمادهما على أسلوب الليونة في التربية والحوار إلا أنهم يفاجؤون بسلوكات يرتكبها أبناؤهم تضعهم في موقع الحيرة والتساؤل، ويكتشفان معها أن القيم التي يمررانها لأبنائهم لم تأت أكلها ولم يكن لها تأثير يذكر، نفس الأمر تقوله السيدة ”خديجة” وهي ربة بيت أم لأربعة أطفال رغم كونها متفرغة لأطفالها إلى أنها تقول بأنها تقوم بواجبها ”والكمال من عند الله” فليس كل ما يتمناه المرء دائما يجده فهي رغم انها حريصة على توجيههم ومراقبتهم وتغيير أساليب التعامل معهم بين الفينة والأخرى، إلا أنها لا تضمن النتائج وتقول ”هذا الجيل صعب المراس أو اننا أصبحنا من طراز قديم”

هل فعلا هذا الجيل صعب المراس أم أن الآباء تخلوا عن واجباتهم التربوية أم أننا نبالغ إذا قلنا بأن الأسرة هي المسؤول الأول والأخير في التربية وبالتالي نحملها بهذا الحكم ما لا تطيق؟

الأسرة أولا

اهتم الإسلام ببناء الأسرة ووضع الضوابط والمعايير التي تنظم قيامها باعتبارها أحد أهم لبنات المجتمع الإسلامي لذلك شرع جميع المناهج الحية الهادفة إلى إصلاح الأسرة ونموها، فعني بالبيت عناية خاصة، وشرع آدابا مشتركة بين أعضاء الأسرة، وجعل لكل واحد منها واجبات خاصة تجاه أفراد أسرته.

ورغم كل المؤسسات التربوية والثقافية التي تتداخل في العملية التربوية وفي القيم التي يتلقاها الطفل، إلا أن الأسرة تبقى حسب الباحثين والمهتمين النواة الأولى والأساسية في العملية التربوية، فالمؤسسات الأخرى لها دور وتأثير إلا أنه يبقى دور مكمل ومساعد، ذلك لأن الأسرة هي الوسط الأول الذي يؤثر في حياة الطفل ويترك في شخصيته بصمات واضحة ولأن دور الأسرة في حياة الطفل مستمر ولا يتوقف في مرحلة معينة، فالطفل ينتقل في حياته من وسط اجتماعي إلى آخر فلا يمكنه أن يقضي حياته داخل المدرسة أو النادي أو المسجد، ولكنه حتما يقضيها باستمرار داخل الأسرة.

الأسرة محاصرة

يعتقد الأستاذ عبد السلام الأحمر المدير المسؤول عن مجلة ”تربيتنا” أن الأسرة تواجه تحديات كبيرة وكثيرة في هذا العصر من أبرزها تكاثر الواجبات وتزاحم الأشغال نتيجة تعقد الحياة المعاصرة، ويرى أن ما امتاز به العصر من تقسيم المهام وتحديد الاختصاصات لايمكنه أن يؤتي أكله ويفضي إلى تيسير التكاليف وتخفيف الأعباء المختلفة عن كاهل الفرد، إلا في ظل مجتمع تشيع فيه ثقافة المسؤولية ويقوم كل واحد بخدمة المجتمع بتفان وإتقان في مجال تخصصه، مقابل قيام المجتمع كله بخدمته في غير مجال تخصصه.

لكن إذا فشت في المجتمع روح التخاذل والأنانية وخيانة الأمانة، فإن كل فرد يحاول أن يتملص من التزاماته تجاه المجتمع، ويخل بإنجازه على الوجه المطلوب، الذي يغذي في النفس الشعور بأنها تعيش في مجتمع متعاون ومتماسك يؤدي فيه كل فرد واجباته كاملة و تضمن له حقوقه كاملة.

تواكل الجميع

يرى الأحمر أن الأسرة اتكلت على المدرسة في الاضطلاع بمهمة التربية لأنها المؤهلة لذلك بحكم تخصصها في هذا المجال وما يتوفر لها من إمكانات مادية وبشرية، وانصرفت إلى تأمين العيش لأبنائها سيما مع التحاق الأمهات بالعمل خارج البيت، وضيق الوقت الذي يخصصنه للعناية بالأطفال.

لكن المدرسة من جهتها تولت الجانب التعليمي وتركت الجانب التربوي للأسرة، على اعتبار أن هذه الأخيرة تملك ظروفا مواتية لغرس ما تشاء في نفوس أبنائها لاشتداد ملازمتها لهم وامتلاكها حق غرس ما تشاء في كياناتهم الغضة، والذي بات متواترا بين الناس أن المدرسة لم تعد قادرة على تأمين تعليم رصين للنشء مما دفع الكثير من الأسرة لمواجهة هذا الأمر إما بقيام الوالدين أو أحدهما بفعل ما تخلفت المدرسة عن القيام به من دعم وتقوية في ما يتيسر من المواد الدراسية أو باللجوء إلى التعليم الخاص أو الدروس الخصوصية.

وهكذا وجدت كثيرة من الأسر نفسها مضطرة إلى أن تقوم بدور المدرسة التي أضحت عاجزة تماما عن القيام بمهمتها على النحو المنتظر نظرا لما تعانيه من مشاكل بنيوية عميقة على رأسها شيوع اتجاه التبرم بالواجب والتحايل على سوء القيام به. وتشاغلت عن دورها التربوي الأصيل المتمثل في ترسيخ القيم وتثبيت المقومات الذاتية.

كما أن الإعلام المتنامي في هذا العصر استطاع اختطاف الأطفال من أحضان الأسرة والمدرسة والمجتمع حيث أصبح احتكاكه بهم عبر الفضائيات وشبكة الأنترنيت العابرة للقارات يفوق أي احتكاك آخر، وبالتالي تراجعت كل الأدوار التربوية لفائدة هيمنة الفضائيات والأنترنيت، وأصبح الطفل يختار بنفسه المضامين والوسائل والقيم التي يتفاعل معها أكثرفي غفلة من الآباء والمربين والساسة.

غير أن هذه الظاهرة تختلف انعكاساتها بحسب الطبيعة الغالبة على بلد دون آخر حيث نجد بعض البلدان تعتز بمنتوجها المحلي ولا تتجاوزه للبحث عن غيره، فتكتفي بفضائياتها ويرتاد شبابها في الغالب مواقع الأنترنيت التي تعتمد لغتها الأصلية وتتماشى مع أخلاقها ومبادئها العامة.

ويشير الأستاذ عبد السلام الاحمر إلى أن المغرب من البلدان المنفتحة على المجال السمعي البصري الدولي بمختلف مشاربه مما يفرض عليه تطوير فضائياتنا وقنواته الوطنية حتى تكون قادرة على استيعاب الشباب داخل هويته الحضارية، ومن جهة أخرى تعرف المواقع الإسلامية على الأنترنيت إقبالا من الشباب المغربي المتشبع بشيء من الثقافة الإسلامية، مما يدعو إلى إعداد مواقع مغربية مماثلة تناسب الخصوصية المغربية وتعرف بها عالميا.

ويخلص إلى أن مسؤولية الأسرة التربوية تعاظمت اليوم فهي مطالبة بمتابعة ما يتلقاه أبناؤها من الخارج كما من الداخل، وتزويدهم برؤية واعية ومتزنة تجعلهم يحسنون اختيار ما ينفعهم ولا يضرهم من المصادر الخارجية وحتى الداخلية.


التجديد

2008/6/17

بيداغوجية تحفيظ القرآن الكريم تافيلالت نموذجاً


تمهيد

لقد أدرك سلف هذه الأمة عن وعي كامل قيمة رسالة القرآن وعلموا علم اليقين أنها مصدر وجودهم، وقلبهم النابض لجسمهم، وأن وجودها بين ظهرانيهم ضروري ومؤكد. فحكموها في جميع حياتهم، واحتكموا إليها في كل شؤونهم ووضعوا من أجل حفظ القرآن وتحفيظه والمحافظة عليه، منهجا بسيطا سهلا، يمكن الناس منها ويجعلهم قريبين من القرآن.

وقد استمر ذلك المنهج الصحيح السليم ردحا من الزمان، ينفع الناس ويمكث في الأرض، -لأن القرآن في النفع المعنوي كالماء في النفع المادي- ويؤتى أكله كل حين بإذن ربه، إلى أن جاء الاستعمار البغيض وداهم الناس بكل مخططاته الجهنمية، فحاول جاهدا أن يصرف الناس عن طريقهم الصحيح، فوجد في بداية الأمر مقاومة شرسة مدة من الزمان، فكان الآباء والأجداد يرفضون كل مدارس الاستعمار ومؤسسات الإباحية، لأنهم رأوا أن برامج ومناهج الاستعمار غير سليمة، وأن هدفها الأساس هو مناهضة القرآن ومطاردته وتصيير الناس بعيدين عن الله.

وبعد مدة طويلة من المقاومة الصامدة، والتدافع المستمر، خرج أناس من المنطقة، وتشبعوا ببرامج ومناهج الاستعمار، وانبهروا بها، وصاروا خلفا أضاع رسالة القرآن، وباتت المدارس الحديثة تزاحم مدارس القرآن فتوجه الكل وجهتها إلا من رحم الله، وبذلك عرفت المدارس القرآنية تهميشا واسعا…

وكانت للهجرة التي عرفتها منطقة تافلالت أثار سلبية في ابتعاد الناس عن المناهج القرآنية.
ولا ينكر أن كل الرزايا والبلايا التي أصيبت بها الأمة عموما هي ناتجة عن بعدها عن القرآن الكريم ومناهجه وهديه. وظل المنهج الاستعماري جاثيا بركبه على مناهج القرآن مذ دخل إلى وطننا العزيز، ومحاولا القضاء على رسالة القرآن؛ وغفل الناس عن الأحقاد الضغينة للعدو غفلة طويلة. وصاروا يبتعدون عن القرآن وينسون ماضيهم المشرق شيئا فشيئا، إلى أن جاءت الصحوة المباركة بأمر الله، فتعالت أصواتها بالرجوع إلى القرآن وهديه بالمنهج نفسه الذي كانت عليه من قبل، وإن كانت بعض الجهات من بلدنا الحبيب تنادي بالرجوع إلى القرآن الكريم برؤية ومنهج جديدين، أهم ما يلاحظ عليهما إهمال المنهج القديم في التحفيظ وهو اعتماد ا للوح والاكتفاء بالتحفيظ في المصحف، وهو ما يقطع الصلة تماما بالرسم الموافق للمصاحف العثمانية.

أرى أن من اللازم وصل الحاضر بالماضي وصلا متسلسلا منطقيا، في صورة متسقة منسجمة ملتزمة بالدرس العميق والتأمل الفاحص، وذلك بفكر لا يتعصب لقديم عتيق، ولا يفتتن بجديد خداع براق.
والذي تجب ملاحظته هنا أن بعض الأشياء في هذا الكون لا تقبل التخلف والاختلاف وهي كالحكم العقلي. ولا تقبل التأرجح بين الأصالة والمعاصرة. وإذا أخضعت لهذا القانون فإنها تبوء بالفشل الذريع والخسران المبين، وقد ثبت بالتجربة أن منهج التحفيظ عن طريق المصحف الشريف غير سليم، ولا يستطيع الحافظ عن طريقه أن يقوم بمهمة التحفيظ على قوانين المنهج القديم.

المسألة الأولى: كيفية التحفيظ

اعتاد الناس أن يبعثوا أبناءهم إلى الفقيه المربي كلما عقلوا الخطاب، وكانوا قادرين على التعلم، واليوم الأول المختار الذي يستقبل فيه الفقيه الأبناء غالبا ما يكون يوم الأربعاء أو يوم الجمعة.

إن الآباء حينما يقدمون فلذات أكبادهم إلى الفقيه يقدمونهم وهم صفحة بيضاء لا يعرفون كتابة ولا قراءة، فكان الفقيه يتلطف في استقبالهم. ويدعو لهم بالفتح والتوفيق، وأول عمل يقوم به هو كتابة الحروف الأبجدية، لكي يحفظها التلميذ، فإذا حفظها ينتقل به إلى كيفية النطق بها. وينبهه على الفرق بين المعجم منها وغيره، فيقول له مثلا الألف معروفة بعدم النقط، والباء عليها نقطة من أسفل…

وبعد التمرن على الحروف بهذه الكيفية، ينتقل به إلى مرحلة معرفة حركات الإعراب، فيضع له خطا أفقيا أسفل اللوح عليه الحركات
ويختم له اللوح ب: "وبالله التوفيق علمنا يا الله".
تيمنا بقوله تعالى: {الرحمن علم القرآن}. وبقوله تعالى: {علم الإنسان ما لم يعلم}. وبعدما يحفظ التلميذ الحركات، ينتقل به الفقيه إلى عملية التطبيق، فيكتب له حرفا واحدا ويكرره حسب الحركات. لنأخذ مثلا حرف الباء: بُـ ، بٌ ، بَ ، بـًا ، بِ ، بٍ ، بْ ، بُّ ، بَّ ، بِّ ، بّـآ ، بُـو، بَـا ، بِي، ثم يقول له: قس كل الحروف على حرف الباء.

وبعد قطع المراحل المتقدمة، يكتب الفقيه للتلميذ سورة الفاتحة على اللوح ويهجيها حرفا حرفا، وكلمة كلمة، وبعد حفظها ينتقل به إلى سورة الناس…
ولما يتمرن التلميذ على الحروف يقوم الفقيه بكتابة اللوح بقلم الرصاص، ويأمره بإمرار المداد على مواضع قلم الرصاص. ثم يكتب له اللوح ويضع تحت كل سطر خطا ينقل إليه التلميذ ما كتب أعلاه، وبعد هذه المرحلة ينتقل الفقيه بالتلميذ إلى طريقة الإملاء، وهي طريقة لها ما لها من الفوائد. أهمها: أنها تعتمد طريقة السماع والعرض المعروفة لدى المحدثين. فبعدما يكتب التلميذ البسملة واسم السورة التي يريد كتابتها، يقول: يرحمك الله يا سيدي باسم الله الرحمن الرحيم {إذا جاء نصر الله}، فيقول الفقيه: {والفتح ورأيت الناس} ثم يقول التلميذ: يرحمك الله يا سيدي: {والفتح ورأيت الناس} فيقول الفقيه: {يدخلون في دين الله أفواجا}… وهكذا. وحينما ينتهي التلميذ من الكتابة يقدم اللوح للفقيه قصد تصحيحه. فينبهه على الأخطاء التي تكون قد ارتكبت أثناء الإملاء وبعد تصحيحها يقرؤها الفقيه والتلميذ يسمع، ثم يقرؤها التلميذ والفقيه يسمع. ثم يقوم التلميذ ليحفظها، وهناك محطة مهمة في المنهج، وهي أمر الفقيه التلميذ بتعهد كل جديد سواء تعلق الأمر باللوح الذي محاه أم بالأحزاب الجديدة التي هي قريبة من لوحه.

ومهارة الفقيه وخبرته بمهمته تتجلى في حرصه الشديد على تعهد التلميذ بكل شيء جديد لديه. وطريقة المحافظة على الجديد هي: أن يأمر الفقيه التلميذ بتكرار لوحه حينما يمسحه مرات متعددة قبل الكتابة. وحينما يضيف إلى رصيده حزبا جديدا فإنه يأمره بتعهده في كل آن وحين، وهكذا دواليك…
كما يستعين الفقيه على ترسيخ ما حفظ في ذهن التلميذ بالتكرار الجماعي ثم الفردي وبالعرض عليه على الأقل مرة في الأسبوع.

المسألة الثانية: المحافظة على الرسم العثماني

لقد سلك الفقهاء السابقون طريقا مهما في المحافظة على الرسم، تتجلى في وضع قواعد وضوابط للتلميذ والتنبيه عليها، وكانوا لا يتساهلون في مخالفتهما حتى إنهم في غالب الأحيان يكتبونها بخط لافت للنظر. كي ترسخ في أذهان التلاميذ… وكان هذا العمل نافعا بإذن الله تعالى: ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، وإنما كان القصد منه ضبط المتشابه، ثم محاولة موافقة رسم المصاحف العثمانية، علما منهم بأنها أساس وركن مهم من أركان القراءة الصحيحة التي هي: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف ولو احتمالا، وصح سندها، وهي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشرة أم غيرهم من الأئمة المقبولين(1).

المسألة الثالثة: كيف كانت علاقة التلاميذ بالفقيه؟

إن التلميذ في بداية الأمر ربما لم يتذوق حلاوة ما يتعلم، لكن حينما يبدأ يتذوق حلاوة العلم والقرآن والكتابة… لا شك أن نظرته للفقيه تتغير فَيُكِنُّ له كل حب وود، ويجعله نصب عينيه مثلا يحتذى. وينظر إليه كأنه أبوه أو أحسن من أبيه الذي يقدم إليه كلما يحتاجه من الأمور المادية، إن التلميذ بعد مرحلة من التعلم، يصير للفقيه عجينة يصوغها كيف يشاء. وإنه كلما تقدم به الوقت وازداد تعلما إلا ويبالغ في الإخلاص للفقيه. ويهيئ نفسه لخدمة الفقيه كيفما كان نوعها سهلة أم شاقة.
وكان الفقيه يشعر بأن التلميذ ثمرة غرسه، ونتيجة عمله الدؤوب، فيحرص كل الحرص على أن ينتفع به التلميذ ويتعلم منه ويتربى على يديه، وأن يكون صورة من شخصه، فيدعو له بالتوفيق والسداد، ويحبه حبا جما وينصحه بالصبر والمصابرة والجد والاجتهاد… وهو يرجو أن يقطف ثمرة غرسه في أقرب وقت ممكن.

المسألة الرابعة: كيف كانت علاقة الآباء بالفقيه؟

كان الآباء يجعلون رجاءهم بعد الله في الفقيه، ويقدمون له فلذات أكبادهم وهم آملون راجون في تعلمهم القرآن والعلم والأخلاق، وكان رجاء الأمهات بالخصوص أن يرزقهن الله أولادا يتقدمن بهم إلى الفقيه. وكان الدعاء السائد للمرأة التي لا تنجب: "اللهم أعطها حقها" والقصد منه أن يرزقها الله ولدا يتعلم القرآن على يد الفقيه.
ودفع حب الفقيه الآباء إلى أن يقدموا له أحسن ما يملكون من طعام وغيره كثيرا أم قليلا. وكانوا لا يقدمون عليه أحدا في الضيافة أم في غيرها.

المسألة الخامسة: الوقت

إن الفقيه كان يقدر ظروف أهل البلد الذين يحتاجون إلى مساعدة أبنائهم في الكسب، ولذلك كان يحاول أن يوفق بين أوقات العمل وحفظ القرآن الكريم فيركز بالأساس على فترتي الغداة والآصال ويحث التلاميذ على الاستيقاظ في الصباح الباكر إلى حين خروجهم إلى العمل ويوصي الآباء بالتعاون على ذلك ويستقبلهم أيضا فترة الظهيرة، من الثانية بعد الزوال إلى حين صلاة العصر. ثم يستقبلهم بعد صلاة المغرب إلى وقت صلاة العشاء.
كما كان يخصص لطائفة معينة من التلاميذ الذين حفظوا أجزاء مهمة وقت ما بعد تناول وجبة العشاء قصد تكرار عدد من الأحزاب تتراوح ما بين خمسة إلى عشرة… فالإكثار من المراجعة عند الفقيه أساس في التحصيل المبكر، وترسيخ ما حفظ.

المسألة السادسة: الأدوات

ما هي الأدوات التي يحتاج إليها التلميذ في المنهج القديم؟
إن التكاليف التي يحتاج إليها التلميذ سهلة بسيطة وهي: لوح من خشب، وقلم من قصب، ودواة من مداد، ودراهم معدودة، قد لا تتجاوز العشرة.
فبات واضحا من هذا المنهج أنه منهج ميسر يسع الجميع: الغني والفقير، والموسر والمعسر والمحتاج على حد سواء.

المسألة السابعة: وقت الراحة

هل كان الفقيه يعطي للتلاميذ أوقاتا للراحة؟
نعم كان في كل أسبوع يوم الخميس وصبيحة يوم الجمعة، وقت للاستراحة الأسبوعية، إضافة إلى الاستراحة السنوية التي لها علاقة بالعطل الدينية مثلا عيد الفطر، وعيد الأضحى، وذكرى المولد النبوي…
هل على منهج التحفيظ بتافلالت مآخذ؟
رغم الإيجابيات التي حققها هذا المنهج، فإن عليه مآخذ لا تنكر وتتجلى في:

أ-عدم التزام المنهج بمبدأ اللين والرأفة والرحمة في غالب الأحيان. وكان من عواقب هذا اتسام المنهج بالقسوة التي تؤدي في بعض الأوقات إلى تنفير التلميذ من الفقيه، وبالتالي إلى حرمانه من حفظ القرآن الكريم، فالأولى لذلك المنهج أن يطعَّم بالتحلي بجمل من الآداب والأخلاق الحسنة التي تحبب للتلميذ القرآن، بل الأفضل أن يعامل التلميذ معاملة حسنة وأن يحفز تحفيزا يليق بمقام القرآن الكريم.

ب-حرمان الفتاة من حفظ القرآن خاصة ومن تعلم كل العلوم عامة، ومن العيب ومن العار أن تتعلم الفتاة أو تحفظ القرآن كأنه حكر على الفتى وقد بلغ الأمر -كما تحكي إحدى السيدات التي وفقها الله لحفظ قسط وافر من القرآن هي وأختها- ببعض رجال المنطقة أنه كان يَسْخَرُ من أخيه الفقيه لما رآه يهتم بتحفيظ بناته، حتى قال له: أتريد أن يخرج بناتك ساحرات؟ يعني أن الفتاة لا حق لها في حفظ القرآن الكريم.
وها هي الآن والحمد لله صحوة قرآنية مباركة، شركت الفتاة إلى جانب الفتى في حفظ القرآن وتَغَلَّبَ العقل على الهوى، والحكمة على الفوضى والحرمان والظلم والتسيب، فصرنا نرى بفضل الله الحافظات بجانب الحافظين، بل إن الحافظات المجيدات في غالب الأحيان أكثر من الحافظين.
كما عرف المنهج تطورا ملحوظا وحلت الحكمة والمنطق والحوار محل العصا والقسوة والشدة. والحض والتحفيظ والتشجيع بدل التنفير والتخويف…

الخاتمة

من خلال تلك الإشارات العابرة إلى مزايا منهج تحفيظ القرآن الكريم وتبيان بعض المآخذ عليه يتبين أن فائدته عظيمة، فلا يكاد يمر على التلميذ العام الواحد حتى يتعلم الكتابة والقراءة ويحفظ أجزاء مهمة من القرآن الكريم، ويجتاز كل الصعاب والعقبات التي تعترض سبيله في المناهج الجديدة.

1- انظر النشر في القراءات العشر 1/14… طبعة دار الفكر.

د. عبد الله غازيوي
موقع جريدة المحجة

عقدة الأجنبي


من المفارقات الكبيرة في واقعنا المعاصر حالة الانشداد للأجنبي ولما يصدر عنه حول واقعنا، وما يستتبع ذلك من إشادة بتقارير مؤسساته، والتي تكون غالبا متورطة في صياغة ذلك الواقع، من مثل تقارير البنك الدولي التخصصية حول قضايا بعينها كالتنمية والفقر والإسكان والاستثمار والبطالة، وذلك في سلوك يعكس نوعا من الانفصام والازدواجية الناتجة عن الجمع بين النقذ الشديد لهذه المؤسسات، وبين توظيف نقذها للأوضاع القائمة في مواجهة الدولة، وهي وضعية تعكس جانبا من أزمة النخب الحاملة لشعار التغيير، والتي تجعل من ما يصطلح عليه بعقدة الأجنبي ينتقل من عموم الشعب لنخبه وخاصة منها المعارضة التي تقدم نفسها بديلا لما قائم.

استدعيت كل ذلك على إثر صدور تقرير المجلس الأعلى للتعليم حول وضعية التربية والتكوين والذي كان في عدد من عناصره متقدما من حيث كشف جوانب الخلل وبشكل كبير على تقرير صدر قبل أشهر للبنك الدولي حول نفس الموضوع، إلا أن تقرير الثاني شكل الحدث أما الأول فقد تم النظر إليه كتقرير رسمي ينضاف لما سبقه من تقارير، واعتبره البعض لا يحمل مؤشرا عن تغييرات مستقبلية في منظومة التعليم بالمغرب، هذا بالرغم من كونه حمل مستجدات بالغة الأهمية والخطورة، نختار منها في هذا العمود موضوعين الأول حول درجة تشخيصه للأزمة الحالية، والثانية حول قضية اللغة العربية.

بداية عند التمعن نجد الأمر مختلفا وبشكل كبير، فبدون مقدمات اختار معدو التقرير أن يضعوا القارئ أمام المشكل بجملة واحدة كانت بداية التقرير تعكس وضعية فاضحة، ذلك أنه ” بعد مضي خمسين سنة على الاستقلال ما يزال المغرب يتساءل حول مدرسته”، وأن الواقع يؤكد ”مكامن عجز” و”مواطن تعثر” المدرسة المغربية، وانتقل التقرير بعد ذلك لتقديم الحساب حول ما لم يتم إنجازه من مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، لكن الحصيلة لم تتجاوز منجزات كمية وقانونية ومؤسساتية، دون أن تتقدم نحو حل معضلات الجودة والمردودية، فإذا كان تعميم التعليم قد بلغ ما نسبته 49 في المائة فإن 05 في المائة منهم فقط يصلون إلى التعليم الإعدادي، ويضطر ما يناهز 093 ألف تلميذ إلى مغادرة المدرسة سنويا بحسب التقرير، كما أن الأمية ما تزال في مستواها الأعلى بما نسبته 83 في المائة وعند الإناث 64 في المائة، ويواصل التقرير اعترافاته بالقول بأن ”التعبئة الاجتماعية حول المدرسة غالبا ما ظلت في حدود الخطاب والنوايا، كما أن الإصلاح لم يحظ بتوفير عدد من الآليات والوسائل الكفيلة بجعله عملا مؤسساتيا… وهكذا وفور انطفاء لحظات الحماس الأولى، فإن هذا المشروع لم يتمكن من النفاذ إلى عمق المجتمع، ولا إلى استقطاب فئات أساسية من الفاعلين”. وضع التقرير لتفسير ذلك خمس أسباب كبرى، تقدم الجواب في نظره عن هدر ثمان سنوات، ورغم ما قد يلاحظ عليها من سعي نحو تعويم المسؤولية وعدم توضيحها، إلا أنها تمثل أعطابا عميقة في منظومة التعليم ككل، تدبيرا وتمويلا وتأطيرا وتنظيما وعلائقا، وبدون معالجتها فإن مستقبل التنمية ككل بالمغرب سيكون موضع شك كبير.

إن استمرار التساؤل حول المدرسة المغربية كتوصيف دقيق للوضع الراهن يعكس في الواقع وجود مشكل أعمق، ذلك أن التساؤل حول المدرسة يخفي الجدل حول المرجعية المؤطرة لهذه المدرسة، والتي يبدو أن عددا من معدي التقرير لم يمتلكوا الجرأة على طرحها وبشكل واضح رغم أن ذلك حضر بشكل مضمر في قضية لغة التدريس مثلا، وكان الأجدر أن يقع التقديم للتقرير بالقول بأن المغرب ما يزال يبحث عن مدرسته وليس فقط يتساءل عنها.

نقف هنا عند قضية اللغة، فقد اعترف التقرير ب”غياب سياسة وطنية لغوية واضحة، رغم أن الميثاق اقترح مشهدا لغويا متنوعا تحكمه روابط التفاعل الإيجابي بين اللغات”، ليقرر بعد ذلك بوجود ” تباين دائم بين لغة التدريس وهي العربية واللغات المطلوبة في الحياة المهنية”، ونظرا ” التأثير السلبي لإشكالية اللغات على اكتساب المعارف وعلى الاندماج المهني” فإنه ” يتعين النهوض بسياسة لغوية وطنية واضحة وجديدة وذات جدوى” ومن بين تدابيرها ” حل مشكل لغة التدريس”، جاء كل صفحة واحدة صفحات التقرير التحليلي (ص27) وبجانبه في باب الثغرات حديث عن المقاربات التقليدية لتدريس اللغات، ومحدودية الأبحاث العلمية حول الموضوع، ونقص برامج التكوين للمدرسين، وفي باب الحلول القول بجعل المتعلم محورا لكل إصلاح لغوي، وتأمين عرض لغوي متناسق وإعداد مرجع لكفايات تدريس اللغات وتكوين الفاعلين البيداغوجيين وإعداد الدراسات، إلا أن الجديد في كل ذلك هو هذا الباب الذي فتحه التقرير لطرح علاقة إشكالية لغة التدريس بالعربية، ودون أن يكشف الأسباب التي أدت لعدم إحداث أكاديمية اللغة العربية رغم صدور القانون المنظم لها، وبقاءه حبرا على ورق، لا نريد أن نستبق الأحداث ونقول بأن المجلس الأعلى للتعليم يدعو للتراجع عن التعريب لكن الثابت أن المجلس من خلال تقريره يطرح الموضوع ويقدمه كجزء من المشكلات المتسببة في أزمة العلاقة بين التعليم والحياة المهنية، ولهذا يطرح حل مشكل لغة التدريس ضمن سياسة لغوية جديدة، هكذا بكل ببساطة يتم طرح ذلك و للأسف لم نشهد نقاشا نقذيا للتقرير عموما و لهذه النقطة خصوصا، والخوف هو أن تكون عقدة الأجنبي قد استحكمت لدرجة أصبحت معها مثل هذه القضايا الاستراتيجية غير مستوجبة للنقاش العمومي.


مصطفى الخلفي

موقع جريدة التجديد/29/4/2008