السبت، 28 فبراير 2009

من الأكثر حضورا وانضباطا في قطاع التعليم؟



إن الغياب غير المبرر للموظف هو خيانة للأمانة، و مساطره من الناحية القانونية معروفة و معلومة لدى الجميع و لا يحتاج أحد أن يجعله شعارا من أجل الإصلاح أو يخصص له مذكرات للتصدي له إلا في حالة واحدة و هي انحطاط الإدارة و سباتها حتى باتت لا تؤدي أبسط واجباتها و هي مراقبة الغياب، مما يعني أنها كانت غائبة فعلا. و إذا أخذنا التعليم كنموذج فإن منظومته تتكون من فئات و أطر متعددة بدءا بالأستاذ و انتهاء بالوزير مرورا بالمدير و المفتش و العاملين بالنيابات و الأكاديميات و أطر التوجيه و التخطيط و الإقتصاد … كلها حلقات أساسية و كل خلل في أحدها سيصيب القطاع ما أصابه اليوم، لكن مسؤولو هذا القطاع عندما يتحدثون مثلا عن الغياب لا يتحدثون إلا عن غياب الأستاذ و يأتون بإحصائيات قد يكون الواقع أكثر منها: لكن الذي لا يذكرونه و يتغاضون عنه هو محاسبة الجميع بما فيه أنفسهم بطبيعة الحال، و أنا اتحداهم أن يعطوا نسبة غياب المؤطرين و موظفي النيابات و الأكاديميات و الوزارة و كل الفئات لأنهم سيكتشفون العجب العجاب منها الموظفون الأشباح و سيجدون فئات قد لا تعمل في السنة بكاملها سوى 30 ساعة في أحسن الأحوال و هي التي يعملها أستاذ التعليم الإبتدائي في الأسبوع فقط على سبيل المثال…

إنه من باب الأمانة العلمية أن تكون الإحصاءات شاملة و غير مبتورة و إلا فهي مردودة و تمرر ايديولوجيات معينة. إن فكرة الموظف الصغير هو الذي يخطىء دائما و يجب أن يكون باستمرار تحت المجهر تنم عن ديكتاتورية العصور الغابرة، و هي من النتائج الأولية للبرامج الإستعجالية أو الإرتجالية للإصلاح المزعوم. و نحن كمدرسين نعتبر بعض المذكرات : كالمذكرة 162 الصادرة بتاريخ 14 أبريل 2008 والمذكرة 60 للدخول المدرسي و غيرها مذكرات استفزازية من ناحية تحميل الأستاذ وحده فشل التعليم أو أنه الأكثر غيابا. لقد نسي هؤلاء أن الأستاذ هو الأكثر حضورا، و هو الذي ينجح الإحصاء العام في كل مراحله و العمليات الإنتخابية بكل أصنافها و عبر العصور و هو الذي ينتج أمثال مسؤولينا.

و إذا كان الشاعر قد قال :
قـم للمعلـم وفـه التبجيـلا ***كـاد المعلم أن يكـون رسـولا

فتمت شاعر آخر قد قال :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** و إذا أنت أكرمت اللئيم تـمردا


و عموما أشير إلى أن أخطر غياب هو غياب إرادة الإصلاح

الذي يتجلى في غياب التكوينات المستمرة و غياب البنيات التحتية و التجهيزات و غياب ترقية حقيقية و غياب كليات لعلوم التربية تستفيد منها الأسرة التعليمية أو على الأقل فئة التأطير بدل اجترار مصطلحات مترجمة، مستوردة و غير محينة و كذا غياب استراتيجية واضحة للإصلاح إذ كل مسؤول يركز على جزء من المشكل يتخبط فيه طيلة ولايته معتقدا أن اصلاحه هو إصلاح المنظومة، حتى بات هذا القطاع حقلا للتجارب … فهذه قد تكون أهم أسباب الفشل الذي لا يريد أحد إصلاحه. إن الإصلاح يا سادة شمولي و يجب أن تتظافر له كل الجهود و يتجند له الجميع و تنخرط فيه كل الطاقات، فعلى سبيل المثال : منح الشواهد الطبية لغير مستحقيها سيجعل من الصعوبة التمييز بين الغياب المبرر و غير المبرر. وكذلك وجود موظفين أشباح في كل القطاعات و المدعمين من طرف كبار المسؤولين ناهيك عن انتشار الرشوة و المحسوبية و الزبونية و الإختلاسات، كل ذلك سيقف سدا منيعا أمام أي إصلاح و سيتم تمويهنا بمذكرات بات من الواضح أنها لن تأتي بأي جديد ما دام غياب الضمير هو آفة الأغلبية. و نحن كأساتذة يحز ذلك في أنفسنا غيرة على هذه البلاد و يصعب علينا أن نشير بأصابع الإتهام إلى فئة معينة بأنها سبب الفشل لأن ذلك يدل على قصور في فهم الإصلاح في شموليته بل نعتبر أن الجميع يتقاسم هذه المسؤولية كل حسب موقعه، أما إذا كان حالنا هو تبادل التهم فآجرنا الله و إياكم في الإصلاح.



رضـــوان الرمتــــــي - مراكش
موقع تربويات

0 التعليقات:

إرسال تعليق