الأربعاء، 25 فبراير 2009

على ذكر ولائم الحجاج ..


من العادات التي لازالت مترسخة في المجتمع المغربي ، إقامة ولائم لتوديع الحجاج واستقبالهم حين عودتهم ..ولهذه العادة جذور في التاريخ ، حين كانت رحلات الحج تستغرق سنة أو أكثر، مع ما كان يحفها من مخاطر قد تؤخرعودة الحاج أو تودي بحياته.
كان سائدا آنذاك أن يستقبل الحاج قبل الذهاب للديار المقدسة مودعيه من الأهل والجيران والمعارف في حفل كبير ، فمن يدري فقد لا يعود من رحلته أبدا ، أو ربما تطول رحلته ليجد كثيرا من أقاربه وذويه قد ماتوا ، أو ربما لا يقبل الله منه حجه بسبب إساءة أساءها في حق جار أو قريب .. كانت الوليمة فرصة لتطييب النفوس ورد الديون والودائع ...كل هذه الأموركانت سببا لإقامة ولائم التوديع ، أما ولائم الاستقبال، فتكون فرحا برجوع الحاج إلى أهله ودياره سالما ، وفرحا أيضا بأدائه لفريضة يهفو لأدائها الكثير من الناس..
أما اليوم فالحمد لله ، أصبحت رحلة الحج أكثر راحة ومتعة ، كما أنها لا تستغرق أكثر من شهر بالنسبة للمرتبطين برحلات الحج المنظمة ، وتصل أخبار الحجاج إلى ذويهم طيلة مكوثهم هناك ، ومع ذلك فولائم توديع الحجاج واستقبالهم لا زالت تقام ، والكثير منها ليس للغرض الذي ذكرته في السابق بل للتباهي والتفاخر، وقد ينفق فيها الحاج أكثر من نفقات رحلة الحج مرات ..!!!

من أهم ما يفكر فيه بعض مودعي الحجاج :
الهدايا ، فلكل واحد منهم طلب خاص جدا ، فيصبح الحاج مهموما ومشغولا أثناء فترة الحج باقتناء الهدايا لإرضاء الناس ، أكثر من همه بحجه إن كان سيقبله الله أم لا ..!!
كنت أسمع أحاديث في صغري عن الهدايا التي كان الناس يطلبون من الحاج الإتيان بها من الديار المقدسة ، والتي لم تكن سوى شيئ من تراب مكة أو طيبها أوبخورها أو ثوب ينالون شرف أن يكون كفنا لهم ...هدايا بسيطة جدا ولا تكلف الحاج ، وفي نفس الوقت ، تدل مدى إيمان عميق وحب كبير للأرض التي بعث فيها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ..

جميل أن يتشبث المجتمع بالعادات والتقاليد فهي من مقومات هويته وضمان لتماسكه وترابطه ، لكن الذي يحدث أحيانا هوالتمسك ببعض العادات مع تحريفها عن أهدافها الأصلية ،وهجر عادات أخرى ، المجتمع في حاجة ماسة إليها ، وإحياء عادات لا فائدة منها إن لم تكن ضارة وأخص بالذكر التراشق بالماء في عاشوراء ، هذه العادة لم تجد لحد الآن من يقف لها بالمرصاد على حد علمي ، رغم تأذّي المارة منها وقد كنت شاهدة في صغري على محاولة للتصدي لها كان بطلها رجل فاضل يعمل في الداخلية ، كان يرسل دوريات يوم عاشوراء لاعتقال كل من ضبط متلبسا وقد ارتاح الحي من هذه العادة طيلة سنوات وجود هذا الموظف ، إلى أن انتقل إلى مقاطعة أخرى ليعود أبناء الحي ونساؤه لاحياءها من جديد وياليتهم فكروا في إحياء ما ينفعهم وما أكثره ...


أم عبد الرحمان

0 التعليقات:

إرسال تعليق