الاثنين، 2 مارس 2009

المذيعة المنتقبة .. صورة المرأة في الفضائيات السلفية


كنت ألاحظ في القنوات ذات التوجه السلفي ، غياب صورة المرأة إلا في بعض البرامج التي كان يسمع فيها صوتها عبر الهاتف ليجيب عنها الرجال، أما الاستطلاعات المصورة خارج الاستوديوهات كانت تحذف منها صور النساء فتظهر صورة أسرة مثلا وقد التقطت الكاميرا الجانب الذي لا تظهر فيه المراة ...
كنت أتساءل مع نفسي ... بما أنهم لا يتفقون مع الصور التي تظهر بها النساء في الفضائيات ، سواء منهن المتحجبات وغير المتحجبات، فلماذا لا يعرضون هم النموذج الذي يريدون ؟ أي لماذا لا تظهر المراة المنقبة في قنواتهم على الأقل لتقدم البرامج الموجهة للنساء ؟ في الموضوع الذي اخترته اليوم من موقع اسلام أون لاين لكاتبه السيد زايد الجواب على هذه التساؤلات ..!!!



المذيعة المنتقبة .. صورة المرأة في الفضائيات السلفية


المذيعة المنتقبة هل تؤشر لتحول في الموقف السلفي؟


أصبح الحضور السلفي في المجال الإعلامي، خاصة القنوات الفضائية بارزا، ويستقطب شرائح جماهيرية كبيرة في الآونة الأخيرة، وقد ساعد على هذا البروز تواجد عدد من رموز الحالة السلفية ودعاتها كضيوف لهم حضور دائم على شاشة هذه القنوات.

وقد أثار الخطاب السلفي في أوقات عديدة ومناسبات مختلفة قضايا إشكالية وسجالية، وآخر ما أثار الجدل هو ظهور مذيعة منتقبة على شاشة إحدى القنوات التي تسير في الفلك السلفي، وقد استدعت هذه الواقعة مجموعة تساؤلات حول دلالات هذا الأمر، وهل يعكس تحولا في مواقف بعض الاتجاهات والرموز السلفية التي تطل عبر هذه القناة، خاصة أن موقف الكثير منها من قضايا المرأة وظهورها الإعلامي يتسم بالرفض وتشديد النكير عليه، باعتباره أمرا لا يتوافق والتعاليم الإسلامية فيما يخص المرأة ومثيلاتها، أم أنها لا تعدو أن تكون حالة خاصة، أو اتجاها تجريبيا يحاول من خلاله القائمون على هذا الإعلام تحسين الصورة الذهنية، وإضافة نقلة نوعية جديدة تضاف إلى رصيد إنجازها في مجال استقطاب قاعدة جماهيرية كبيرة شكلت ركيزة جمهور مشاهديها.

نافذة جديدة للمنتقبات

يعود ظهور المذيعات المنتقبات عبر قناة "الحافظ" الفضائية إلى شهرين ماضيين، حين قامت القناة كأول فضائية سلفية بالاستعانة بمنتقبات؛ لتقديم برامج لتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره للنساء، وهو ما قوبل بالرفض من قبل شريحة كبيرة من الدعاة السلفيين الذين يمثلون مركز الثقل بالنسبة للفضائيات السلفية، لكن رغم هذا الرفض تم تدشين ثلاثة برامج دفعة واحدة وهي "مقرأة النساء"، و"آيات وأخوات"، وفقرة في برنامج اليوم المفتوح تقدمها الداعية إيمان الوشيحي، وهو ما يثير الدهشة فيما يتعلق بالتغير في موقف القناة وتوجهها الجديد.

و"الحافظ" هي إحدى مجموعة قنوات "الناس"، والتي تضم بجانب "الناس" البركة، والخليجية، وأخيرا "الصحة والجمال"، وهي مملوكة لمستثمرين سعوديين من آل كدسة، ويدير المجموعة المصري عاطف عبد الرشيد، والذي كان له دور كبير في تشجيع المذيعات المنتقبات على الظهور عبر قناة "الحافظ" المتخصصة أصلا في تقديم برامج لتحفيظ القرآن الكريم، والتي بدأت البث منذ ما يقرب من عام.

إحدى مذيعات القناة هي الشيخة صفاء الرفاعي، تقدم برنامج "مقرأة النساء"، ومدته ساعة كاملة، وهي مؤسسة طاقم المذيعات المنتقبات بالقناة كما تعرف نفسها، تؤكد صفاء أنه تم ترشيحها للعمل بالقناة بناء على طلب من عاطف عبد الرشيد، خاصة أنها تعمل في حقل الدعوة منذ 9 سنوات، قبلها كانت فتاة عادية غير محجبة.. ترتدي الجينز والملابس العصرية، نقطة التحول في حياتها جاءت بعد مشاهدتها أحد الأفلام "الهابطة"، بعدها قررت أن تتوب إلى الله، وفتحت أبواب الدعوة أمامها من خلال مقرأة الداعية منى صلاح في جمعية منابر النور، والتي عملت فيها كمديرة، بعدها درست بمعهد إعداد الدعاة، وأخذت دورة في الفقه وتقول إنها حصلت على إجازة في القراءة برواية حفص، كما أنها تحفظ على القراءات السبع.

أما أميمة طه فتقدم برنامج "آيات وأخوات"، ومدته ساعة كاملة، وهي حاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس في مصر، بعدها درست بمعهد إعداد الدعاة بمسجد النور بالعباسية، ومنذ شهر التحقت للعمل بالقناة كمذيعة، قبلها كانت تقدم دروسا "للأخوات" بأحد المساجد، وقد شجعها إمام المسجد الذي كانت تقدم فيه هذه الدروس على هذه الخطوة.

تتناول أميمة في برنامجها الحديث عن أمهات المؤمنين ومساءل تتعلق بالعقيدة الإسلامية، وهي تعتبر أن خروجها كمذيعة هو جهاد في سبيل الله، وتنفي حدوث أي اختلاط مع الرجال، أو خلوة من خلال العمل كمقدمة برامج، فالمخرج يجهز كاميراته ويسلطها عليها الأضواء، ثم يغادر غرفة الأستوديو حرصا على عدم حدوث خلوة غير شرعية.

الحويني يهاجم المنتقبات



وصف الحويني المذيعات المنتقبات بــ"العفاريت"

ظهور المذيعات المنتقبات بهذا الشكل أثار الكثير من الجدل داخل أوساط كتيبة الدعاة والوعاظ السلفيين، والذين يمثلون العصب الأساسي لمجموعة قنوات الناس والحافظ؛ حيث يتمتعون بشعبية كبيرة بين الجمهور، وبجانب أن هذه الشعبية تزداد يوما بعد يوم فإنها منحتهم قوة وتأثيرا داخل القناة، وقد وقف هؤلاء الدعاة ضد ظهور الداعية عمرو خالد في قناة الناس؛ وذلك بسبب اعتراضهم على منهجه وخطابه الدعوي.

كان أول المعارضين لظهور المنتقبات هو الشيخ أبو إسحاق الحويني أحد أبرز الوجوه السلفية في فضائيات الناس والرحمة، وهو من مواليد عام 1956 بقرية حوين بمحافظة كفر الشيخ، وقد تخرج في كلية الألسن جامعة عين شمس بالقاهرة، قسم اللغة الإسبانية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين.

وقد اشترط الحويني في بداية عمله بالقناة عدم ظهور النساء في البرامج، ومنع الموسيقى، وبالفعل توقفت القناة عن بث الموسيقى، وقرر مجلس إدارتها الاستغناء نهائيا عن المذيعات من النساء، عبر تغيير شكل البرامج التي تقدمها المذيعات أو إسنادها إلى مذيعي القناة، وذلك استجابة للضغوط التي مارسها الحويني.

أما فيما يتعلق بالمذيعة المنتقبة فكانت أهم مآخذ الحويني تتلخص في أن المرأة المنتقبة فتنة لا تقل عن غيرها من النساء المحجبات، وهو يستند في موقفه على الآية الكريمة: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي"، ويقول الحويني في تبريره لموقفه من المنتقبات إنهن غير عالمات بأصول الشريعة، وعلم القراءات حتى يعلمن الآخرين من الرجال والنساء، ووصفهن بالجاهلات في هذا الجانب.

وينطلق الحويني في موقفه من خلفية سلفية تتخذ موقفا رافضا لظهور المرأة في الفضائيات والإعلام بشكل عام، إلا في حالة الضرورة، وما دام أنه ليس هناك ضرورة في مثل هذه الحالة التي نحن بصددها فلا حاجة لظهور مذيعة منتقبة تتشح بالسواد، وتطل على المشاهدين بين الحين والآخر، بل إن الحويني وصف المذيعات المنتقبات بـ"العفاريت" طبقا لما ذكرته تقارير صحفية خلال الأسبوع الماضي.

يتفق موقف الحويني مع موقف السلفيين التقليديين في مصر فيرى أحمد عبد الحميد أحد الناشطين في مجال الدعوة السلفية أن ظهور المذيعة المنتقبة مرفوض جملة وتفصيلا، ويقول "نحن كسلفيين لدينا الكثير من التحفظات على ظهور الدعاة والوعاظ السلفيين في الفضائيات؛ بسبب الأخطاء الكثيرة التي يقترفونها في حق الدعوة، فما بالك بالمذيعة المنتقبة".

ويضيف: الأصل فيما يخص المرأة هو "الستر" وعدم الظهور على الناس، ولذلك جاءت التكليفات الدينية متوافقة مع هذا المبدأ، فالجهاد مثلا كفريضة إسلامية لم يفرض على المرأة، ولم يجيز لها الشرع أن ترفع صوتها بالأذان، أو تؤم الناس في الصلاة، أو تتولي الإمامة العامة للمسلمين، كما أن الله لم يجعل من بين رسله وأنبيائه امرأة تكون نبية لقومها؛ لأن هذا يحتاج إلى المخالطة بالرجال، والحديث المباشر والمستمر مع الناس، وقد يكون في هذا نوع من الخضوع بالقول، وقد قال تعالى "ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض".

والمرأة في حد ذاتها فتنة كما يقول عبد الحميد، وفي ظل عملها كمذيعة ستعرض هذه الفتنة على الناس، وتختلط بالكثير من الرجال في بيئة العمل الإعلامية، كالمخرج والمعد والمصور وغيرهم من طاقم العمل، إذن لن يكون هناك ضابط في هذا الأمر، وهو نوع من الظهور غير مبرر للمرأة، وبخلاف هذا وذاك، فإن دور المرأة في بيتها وأسرتها مقدم على كل هذه الأعمال أيا كانت الفائدة التي ستعود من ورائها.

جدل السلفيات في الإعلام

يؤكد عبد الحميد أن هؤلاء المذيعات المنتقبات لا يعبرن عن كافة مكونات مجتمع السلفيين في مصر، بل يمثلن شريحة معينة ضمن شرائح هذا المجتمع، ومن أهم مميزات هذه الشريحة هو الهزيمة النفسية تجاه الوسائل الإعلامية العصرية، والرغبة في الظهور، وفي هذا لا يختلف الدعاة من الرجال عن النساء؛ حيث يتحولن في النهاية إلى نجوم في المجتمع تماما مثل نجوم السينما، وشيئا فشيئا ستتنازل هذه المنتقبة عن نقابها لمزيد من استثمار هذه الظهور الإعلامي.

فالإعلام بالمصطلح المعاصر عرض"show "، وهذا العرض يتطلب الأسلوب المناسب وطبقة الصوت المناسبة، والتفاعل والتأثر مع كافة المواقف كالضحك والبكاء حتى ينجح ذلك العرض، والمذيعة المنتقبة لن تستطيع أن تشذ عن هذه القواعد داخل سياق العمل بالحقل الإعلامي، وفي رأي المتحدث، فإن هذا العرض الإعلامي للمنتقبات لا يمكن أن يكون إضافة حقيقة إلى حقل الدعوة الإسلامية بقدر ما يمثل خصما من رصيدها من خلال إعطاء الفرصة للعناصر غير مؤهلة، والتي تتصدر للحديث والفتاوى دون علم، إلا إذا كنا سنعتبر كل من حصلت على مجموعة محاضرات في معهد إعداد الدعاة داعية ومعلمة.

وفي إطار رده على هذا الموقف المعارض لظهور المذيعة المنتقبة يرى عاطف عبد الرشيد رئيس مجلس إدارة قناة "الحافظ" أن الشيخ الحويني يعبر عن رأيه الشخصي في القضية، وهذا حقه كداعية يتناول كافة قضايا المجتمع من منظوره الشرعي الخاص، والأمر ينسحب على غيره من السلفيين، لكن الفصل في هذا يعود إلى رأى جمهور العلماء في جواز أو حرمة ظهور المذيعة المنتقبة في الإعلام.

ويشير عبد الرشيد إلى أن الحويني لم يقدم دليلا شرعيا على حرمة ظهور المنتقبة كمذيعة، مؤكدا في هذا الصدد على مشروعية ظهور المنتقبة، وعلى أن الإسلام لا يرفض ظهورها، ما دامت قد التزمت بقواعد الشرع في لباسها وحديثها؛ حيث تحرص القناة على الالتزام بهذه القواعد والأسس، والعمل من أجل خدمة الأمة، ونشر العلم الديني والدنيوي، وتقديم إعلام إسلامي واجتماعي متميز، لا يخالف تعاليم الإسلام أو يتنافى والخلق الإسلامي.

ولا يعكس استعانة قناة الحافظ بمذيعات منتقبات أي تغير في موقف القنوات السلفية من المرأة طبقا لكلام عبد الرشيد؛ حيث ظهرت المنتقبة في أكثر من برنامج على مدى السنوات الماضية كضيفة أو معلقة على الكثير من القضايا، وما دام أن المنتقبة ظهرت كضيفة في القناة كغيرها من قطاعات المجتمع، فلا مانع أن تكون المذيعة منتقبة أيضا، كمعبرة عن شريحة من هذا المجتمع طبقا لكلامه.

المنقبات وقضية المهنية

لا أحد خلف الكاميرات منعا للخلوة الشرعية

ومن ناحية مدى إلمام هؤلاء المذيعات المنتقبات بالعلوم الدينية والتحصيل الشرعي والفقهي، وما لديهم من تأهيل مهني يؤهلهم لمثل هذا العمل فيرى عبد الرشيد أن برنامج "مقرأة النساء"، و"أخوات وآيات"، هي من نوعية برامج التجويد القرآني للنساء، وبرامج المرأة المسلمة، وأن كافة المذيعات متخصصات في مجال الدعوة، ولديهن إجازات من معهد إعداد الدعاة، كما أنهن مارسن العمل الدعوي لسنوات طويلة عبر الدعوة النسائية في المساجد، وهذا يؤهلهم للعمل في تقديم هذه النوعية من البرامج.

ولا يمثل شكل المذيعة المنتقبة مشكلة لدى عاطف عبد الرشيد، فهو يرى أن إستراتيجية عمل القنوات السلفية منذ بدايتها تركز على المضمون قبل الشكل، فهناك دعاة كثيرون في القناة شكلهم غير مقبول إعلاميا، ولكن المضمون العلمي الذي يقدمونه يجعلهم محبوبين لدى المشاهدين، فمثلا هناك طائفة كبيرة من المشاهدين لا يعجبها كثرة المشايخ الملتحين، لكن بعد أن يتعرض هؤلاء للرسالة الدينية المقدمة فينجذبون إليها منصرفين عن التفكير في الشكل، فالشكل ليس البطل عندنا، بل البطولة للمضمون.

لكن د.محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة يختلف مع ما يقوله عبد الرشيد ويرى أن العمل الإعلامي يقوم على ثقافة "الكشف"، والاختفاء يتنافي مع طبيعة الوسيلة الإعلامية، ومن هنا فإن المنتقبة إذا كان لديها رغبة في هذا العمل فعليها أن تخضع لشروطه ومتطلباته، ومن أهمها الإفصاح عن شخصيتها للجمهور حتى يعرف مع من سيتواصل.

وبجانب ذلك -كما يقول خليل- فالتليفزيون كوسيلة إعلامية تحكمها ثقافة الصورة، وهي عنصر مؤثر في درجة مصداقية الرسالة الإعلامية، ولا معنى أن يتابع المشاهد "خيمة نسائية" لا يظهر منها أي شيء.

ويرفض خليل ظهور المنتقبة كمذيعة، فما دام أنها اختارت النقاب كزي إسلامي، فمن أهم خصائص هذا الزى هو الاختفاء عن الناس، ومن ثم فالظهور في الفضائيات بهذا الشكل يعكس نوعا من التناقض يغيب معه المنطق، وأي منطق في أن تطل مذيعة منتقبة بشكل منتظم على جمهور المشاهدين، في حين هم لا يعرفونها.

ويضيف" هذا أيضا بجانب كونه مغالاة وتشددا وإفراطا في التدين، فإنه استغلال رخيص للدين من خلال الرغبة في جذب المشاهدين، وإثارة نوع من الجدل لتسويق اسم القناة بين الجمهور، فالهدف تسويقي أكثر منه ديني؛ لأن هؤلاء المذيعات لن يضفن جديدا في المضمون المقدم، ولا يمكنهن تحقيق طفرة مثلا يتجاوزن بها الدعاة السلفيين بالقناة.

المرأة في المشهد السلفي

بجانب علامات الاستفهام، الكثيرة التي يثيرها شكل المذيعة المنتقبة من الناحية الإعلامية، ومدى قدرتها على توصيل المعلومة من خلال شكلها، وهي ترتدي نقابا كاملا لا يُظهر منها شيئا، وهي قضية جديدة على الساحة، فإنها لا شك إحدى تجليات المشهد السلفي في مصر، فالمرأة السلفية باعتبارها جزءا أساسيا من مكونات الحالة السلفية، ومن الطبيعي أن تبحث لها عن دور داخل المجتمع، وهي وإن كانت سترضى بدور المربية أو الأم التي تتوارى خلف جدران منزلها، أو حتى الداعية التي تمارس دعوتها بشكل مباشر في زاوية أو مسجد لفترة من الزمن، فإن هذا الدور لن يرضي غرورها على طول الخط، خاصة مع الانفتاح على الإعلام الذي يشهده قطاع كبير من السلفيين، سواء عبر الفضائيات أو الإنترنت أو وسائل الإعلام الأخرى.

وحتى وإن قوبل هذا الوجود الإعلامي للمنتقبات بالرفض من قبل مشايخ ودعاة السلفية من الرجال فإن هذا الرفض لن يكون عائقا يحول دون ظهورها؛ لأنها تستند على ركائز عدة من بينها الركيزة الشرعية التي هي المرجع في هذا الجانب، وفي هذا تؤكد إحداهن أن لديها فتوى من إمام الحرم المكي الشريف تجيز لها هذا العمل، وثانيا رغبة الجمهور السلفي العريض في متابعة هذه البرامج، وما دام أن هذه البرامج تحقق نجاحا جماهيريا، وتتوالى الاتصالات من المشاهدين فسيكون هذا بمثابة جواز المرور لها عبر الفضائيات.

ولا مانع أن تتحول المذيعة المنتقبة في المستقبل كسلعة ضمن بقية السلع في الفضائيات السلفية التي يكون الحد الفاصل فيها هو منطق "السوق"، فلن تتوقف البرامج التي تقدمها منتقبات عند حد برامج التجويد والعقيدة، بل إنها لا شك ستمتد إلى بقية مجالات الحياة، وهو ما تسعى القناة إليه بالفعل.

من الواضح إذن أن هناك تناقضا بين رؤية المرأة داخل المجتمع السلفي لذاتها ورؤية الآخرين من الدعاة الرجال لها وحكمهم عليها، فهي بشكل أو بآخر تريد أن يكون لها دور، وأن تمارس هذا الدور بنفسها، وأن تتفاعل مع المجتمع بطريقتها الخاصة، وعبر قوانينها، وألا تترك الآخرين سواء من الدعاة أو غيرهم أن يرسموا لها حدود الدور الذي يمكن أن تلعبه على الساحة، وفي هذا السياق يمكن أن نفهم الرغبة التي دفعت هؤلاء المنتقبات إلى العمل كمذيعات.


السيد زايد

اسلام أون لاين

0 التعليقات:

إرسال تعليق