الأحد، 1 مارس 2009

القرفـــــة

122631

تصنف القرفة مع التوابل، رغم أنها ليست من التوابل، والذي جعل الناس يعتبرونها من التوابل، هو مذاقها العجيب ونكهتها القوية، وهي من التوابل الحلوة، إلا أن الطابع الحار يغلب على حلاوتها. والقرفة قشور لشجرة القرفة، وهي على أصناف، ومنها الأكاسيا التي توجد في الأسواق أكثر من القرفة، نظرا لكثرتها وانخفاض ثمنها بالمقارنة مع القرفة، وكذلك لأن مذاقها وشكلها ورائحتها يشبهون القرفة، ولذلك يعمد الباعة إلى بيعها مكان القرفة، والفرق بين الأكاسيا والقرفة، يكمن في تركيز المكونات الطبية، ومنها مركبات السيناميك. والقرفة توجد في منطقة السايلان بالهند وفي الصين، وقرفة السايلان تكون حلوة أكثر من القرفة الصينية. وتستعمل القرفة بكثرة في الطب الصيني والهندي، ولو أن الأبحاث غير منشورة. والقرفة تصنف مع الأشربة كالشاي والقهوة وليس مع التوابل وكذلك الزنجبيل، لكن الناس عهدوا استعمالها كمادة تعطي للطعام نكهة ورائحة زكية. والأصل أن القرفة تشرب كما يشرب الشاي وكما تشرب القهوة، لتكون الفائدة أكبر وأكثر. وننصح الناس بشراب القرفة بدل القهوة، لأنها من الواقيات للجسم كما سنرى بالتفصيل.

تكمن قوة القرفة العلاجية في المركبات الكيماوية الطبية الموجودة في القرفة، وهي مواد طيارة، وربما تتركز أكثر في الزيوت الطيارة الموجودة في القرفة. ومن هذه المركبات مكون السينمالديهايد Cinnamaldehyde ومكون السينميل اسيتات Cinnamyl acetate ومكون كحول السناميل Cinnamyl alcohol وبعض المركبات الأخرى على شكل أثر في القرفة، والتي لها دور كذلك في العلاج.

القوة المانعة لتجمد الدم

تعزى هذه الخاصية لمكون السينمالديهايد أو ما يسمى كذلك بألدهايد السيناميك. وهو المكون الذي يحول دون تجلط الدم الناتج عن تكثل الصفائح الدموية في حالة جرح ليكف الدم عن الخروج، لكن في كثير من الحالات إذا وقع هذا الحادث بقوة فإن سيولة الدم ترتفع، ويتختر الدم داخل الأوعية فينتج عنه ارتفاع الضغط وبعض الأعراض الأخرى. ويقوم السينامالدهايد بمنع حمض الأراشيدونك من مغادرة أغشية الصفائح الدموية، والمعروف في الميدان الطبي أن حمض الأراشيدونك هو مركب مسبب للإلتهابات المسببة للآلام، وفي نفس الوقت يقوم مكون السينامالدهايد بكبح عامل الترامبوكسان Thromboxan A2 ولذلك يصنف السينامالدهايد مع المركبات المانعة للإلتهابات كذلك.

القوة الكابحة للجراثيم

في دراسة أجريناها بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة على مجموعة من الجراثيم المضرة، ومنها الخمائر المسببة للتقرحات التناسلية وعلى مستوى الفم، بينا القوة الكابحة لمستخلص القرفة. وكل الجراثيم التي جربنا عليها مستخلص القرفة كانت مقاومة للمضادات الحيوية antibioresistant وقارنا القوة الكابحة للقرفة مع المضادات الحيوية، فتبين أن القرفة كانت أعلى من المضادات الحيوية بالنسبة لجل الجراثيم، ومنها عصيات ايكولاي والكريات العنقودية والباسلس والخمائر المعفنة للجلد. ومن أقوى النتائج التي حصلنا عليها القوة الكابحة للقرفة لخمائر الشعر والجلد, وهو ما يمكن استغلاله مباشرة بالنسبة للمصابين بهذه الخمائر.

القرفة تضبط سكر الدم وتخفض الضغط

تساعد القرفة على تسوية السكر بالدم بالنسبة للمصابين بالسكري من النوعين الأول والثاني. وربما يبقى المصابون بالسكري من النوع الأول على الأنسولين، وتناول القرفة مع اجتناب اللحوم الدسمة، والتزام نظام نباتي إلى أن ينتظم تركيز السكر تماما ثم يجب الاستشارة مع الطبيب المعالج للنظر في إمكانية استبدال الحقنة بالحبوب فقط. أما بالنسبة للنوع الثاني الذي لا يستعمل فيه حقنة الأنسولين فيمكن ضبط السكر في الدم بالحمية والحركة وتناول المركبات التي تحول دون ارتفاع السكر بالدم ومنها القرفة، ويجب تناول القرفة كشراب عوض الشاي والقهوة في الصباح وفي المساء.

ونلاحظ أن كثيرا من المصابين بالسكري يكون لديهم ارتفاع الضغط كذلك، وفي هذه الحالة يصبح ارتفاع الضغط أخطر من السكري، لأن الأشخاص يكونوا حذرين من السكري، ولا يبالون بارتفاع الضغط، فتقع مضاعفات خطيرة، ولذلك يجب الحذر من ارتفاع الضغط أكثر من السكري, وتناول القرفة يوميا بالنسبة للمصابين بالسكري وارتفاع الضغط أمر ضروري، وهناك مركبات أخرى تخفض الضغط مثل الثوم، كما أن هناك مركبات أخرى تخفض السكر بالدم كالحلبة والصبار، ويجب تحديد برنامج غذائي للمصابين بالسكري وارتفاع الضغط، تتكامل فيه المكونات العلاجية الطبيعية ليبقى الشخص بدون مضاعفات خطيرة، توصله إلى تقرح العين أو الرجل أو انتفاخ الكلية أو جلطة دماغية فيكون الشلل النصفي، أو ربما يصل الشخص المصاب مع المدة ومع كثرة استعمال حبوب ارتفاع الضغط إلى التصفية لأن الكلية تفقد وظيفتا.

تنشيط الجهاز العصبي

من الخصائص الغير معروفة لدى العموم أو غير الباحثين، تأثير القرفة على المخ بصفة عامة، من حيث يمكن للمكونات الطيارة التي تكلمنا عنها، والمكونات الأخرى التي توجد بكمية ضئيلة جدا وهي مركبات تزيد من قوة التنشيط بالنسبة للمركبات الثلاثة التي توجد في القرفة. ويشتكي كثير من الناس من العياء العصبي، وكل الأشخاص الذين يركزون كثيرا يترتب لديهم بعض الضعف في الذاكرة أو القوة المبرمجة للمخ، وكذلك قوة الاحتمال والتركيز لمدة طويلة، وهو ما يقع للأطباء الجراحين والطيارين والمديعين والطلبة الجامعيين والباحثين، وكل العاملين بالميدان المعلوماتي، وهي كلها أنشطة تتطلب تركيزا كبيرا يجعل الخلايا العصبية تفقد كثيرا من المواد الخاصة بها وهي المادة الرمادية. وتساعد القرفة على مقاومة هذه الأعراض وحفظ المخ من الشيخوخة الفكرية أو النسيان، وقد بدأ الناس يشتكون من هذا العرض أي النسيان. وشراب القرفة أثناء العمل أو في الصباح والمساء، يجعل الأعصاب تعمل بشكل طبيعي، ويستحسن ترك السكريات الصناعية في حالة ظهور أعراض تتعلق بالنسيان، وتناول المواد التي تساعد على تنشيط المخ، ومنها القرفة ومواد أخرى تكلمنا عنها أنظر الفقرة المخصصة للجوز والفقرة المخصصة لحبوب الكتان.

القرفة والسرطان

لا تعتبر القرفة علاجا للسرطان، ولكنها تساعد إلى جانب بعض الممارسات الأخرى على تفادي انتشار الأورام السرطانية، وتناول القرفة بانتظام يحفظ الجسم من السرطان نظرا لقوة القرفة الممتصة للجذور الحرة وتعزى هذه الخاصية للمركبات الموجودة في القرفة وهي السينميكات الثلاثة التي تكلمنا عنها فهي مواد مضادة للأكسدة، وكل مركب يحول دون التأكسد في الجسم يدخل في هذا الإطار. ربما يسمع الناس عن قوة القرفة في علاج السرطان، ويعمدون إلى استعمال القرفة مع العسل كما هو الشأن، دون أن يكونوا على علم بالطريقة الصحيحة في علاج السرطان، فيؤول المآل إلى طور خطير، ولذلك يجب أن تكون الطريقة المتبعة في علاج السرطان متكاملة وصارمة، وتحت المراقبة الطبية وبدون تهور. فالجميع يعلم أن علاج السرطان لازال بين الأخذ والرد. فالقرفة لوحدها لا تعالج السرطان لكن مع ممارسات أخرى ربما تساعد على العلاج.

أمراض القلب والشرايين

تحتوي القرفة على الكلسيوم والألياف الخشبية والمنغنيز، وهي المواد التي تساعد القولون على التخلص من السموم، وبذلط تكون حافظة للجسم من أمراض القلب والشرايين التي تتعلق بالكوليستيرول والهوموسيستاين، وقد تكلمنا عن هذا الحادث في أماكن أخرى، ومنع الكوليستيرول من التأكسد يعني خفض الكوليستيرول الخبيث الذي يسبب الانسدادات داخل الأوعية الدموية، ويجعل وظيفة القلب في محنة. ولذلك فتناول القرفة كلها كمسحوق يكون أفضل من تصفيتها وشرب المستخلص.


موقع الدكتور محمد فائد

0 التعليقات:

إرسال تعليق