الأربعاء، 25 مارس 2009

مع الأمانة..(3) أداء الأمانة

أداء الأمانة

الحديث عن الأمانة حديث ذو شجون.. والأمانة بمعناها الواسع تعم جميع وظائف الدين، فهي تنظم كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولاً وفعلاً.
وحين تختفي الأمانة من حياة الناس تفسد حياتهم وتسوء معاملاتهم.. ويعيشون حياة الغدر والغش والخيانة وواقع الناس اليوم خير دليل على ذلك.. حيث عم التعامل بالغدر والخيانة والغش والخداع والكذب سائر أحوالهم ومعاملاتهم إلا من رحم الله.

وحين يعم التعامل بالأمانة حياة الأمة، يؤدي الذي أؤتمن أمانته، سواء أؤتمن على قنطار أو دينار، لأن الله أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، ونهى عن خيانة الله والرسول فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾[النساء:58] وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[الأنفال:27]. وجعل الله من صفات المفلحين أنهم يرعون عهودهم وأماناتهم فقال سبحانه في معرض المدح والثناء ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾[المؤمنون:8].

والنفوس البشرية بفطرتها تميل إلى الناصح الأمين، وتثق بالقوي الأمين، حتى غير المسلمين يؤثرون الأمين ويحبونه فنصارى أهل نجران حين تفاوضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفقوا معه على دفع الجزية قالوا: "إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعث معنا إلا أميناً، فقال لأبعثن معكم رجلاً أميناً، حق أمين. وأرسل معهم أبا عبيدة"

إن من أغلى ما يرزقه الله للعبد، بحيث لا يحزن بعده على أي عرض من الدنيا ما جاء في الحديث الذي خرجه الإمام أحمد والطبراني وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وحسن الخلق، وعفة مطعم". فالأمانة ركن من الأركان الخلقية الأربعة التي لا يعدلها شيء في الدنيا ، بل تكون سبباً في إقبال الدنيا على العبد لما يجده الناس فيه.

وإذا تمكنت الأمانة من صاحبها تعامل بها مع القريب والبعيد، والمسلم والكافر، فالمؤمن لا يتعامل بالغدر حتى مع من عرف بالخيانة واشتهر بالغدر كما جاء في الحديث الذي أخرجه أبو داؤود والترمذي وغيرهما. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وذلك لأن خطورة السقوط في الخيانة ، وفساد الفطرة بنقض العهد أشد من مجرد مقابلة الخائن بمثل فعله، ولأن السقوط مرة يقود إلى منحدر الخيانة وتستمرئ النفس الغدر والخيانة.

كم تتألم وتتفطر قلوبنا حين نرى هذه الأوصاف في بعض المسلمين، الذين يهرعون إلى كل مطمع يلوح لهم، ويخونون في سبيله كل وعد مقدس..ويكفي فاقد الأمانة ما يلقاه في الدنيا من مهانة وصغار حين ينكشف أمره ويهتك ستره.. وإنما يجد الأمانة التي ضيعها وخانها متمثلة له يوم القيامة عند الصراط، لتهوي به من فوق الصراط إلى قعر جهنم والعياذ بالله تعالى جزاء ما ضيع منها وفرط فيها.

فهنيئاً لمن قام بحق الأمانة فجرى على الصراط ونجى من عذاب جهنم ..


المصدر:
موقع جامعة الإيمان - بتصرف


اقرأ عن الامانة أيضا..

تعريف الأمانة
لفظ (الأمانة) في القرآن الكريم


0 التعليقات:

إرسال تعليق