الاثنين، 16 مارس 2009

الحجاب انتشار وضعف في الالتزام

تعلمنا أن للحجاب مواصفات وهي أن لا يصف وأن لا يشفّ وأن لا يكون لباس شهرة ولا لباس يشبه لباس الرجال..
ومع أنني لم أرتد الحجاب إلا بعد أن توظفت ، إلا أنني كنت أكِنّ لمحجبات تلك الفترة احتراما وتقديرا لا يوصفان ، آنذاك لا يمكن أن تُرى محجبة بلباس ضيق، أو واضعةً مساحيق على وجهها، أما سيرتهن بين الناس فكانت طيبة جدا..
لكن المرء اليوم تصدمه أشكال حجاب الموضة المنتشرة في المدارس والشوارع، حجاب أستحيي شخصيا أن أنظر لمن ترتديه، وأتحفظ أن أسميه حجابا، ليس هذا فقط فسلوك هذه النوعية من المحجبات صادمة ومثيرة للاشمئزاز، وكنت دائما أتساءل عن دور الدعاة والعلماء، وماذا قدموا للوقوف في وجه هذه الموجة التمييعية لمظهر من مظاهر الإسلام ألا وهو لباس المرأة ...
مناسبة هذا الموضوع هو اطلاعي على حملة أطلقتها جمعية حركة التوحيد والاصلاح وهي بعنوان :" حجابي عفتي"...
هذا الموضوع للأستاذة مليكة البوعناني المشرفة على حملة "حجابي عفتي" التي أطلقتها حركة التوحيد والإصلاح بجهة الشمال الغربي، وهو ضمن مجموعة من المواضيع المتعلقة بالحملة والموجودة في الرابط التالي:
ملف حجابي عفتي


الحجاب انتشار وضعف في الالتزام

الحجاب جزء من الشريعة الإسلامية ، تلكم المنظومة المتكاملة التي جعلها الله سبحانه وتعالى أساسا لبناء المجتمع المسلم وفق قوانين وسنن تحميه من كل الفتن الهادمة، ومن مقاصد الحجاب تكريم المرأة وحفظ عفتها وطهرها وتجسيد هويتها وانتمائها.

وفي السنين الأخيرة أصبح الحجاب محط تداول ونقاش في المحافل الدولية والوطنية وعلى صفحات الإعلام المكتوب والمرئي، ودعت أصوات إلى منعه وأخرى تقترح تقزيمه ،وأفكار تسعى لتمييعه ،إنها العولمة التي قاربت حتى حجاب المرأة المسلمة من أجل تنميطه وفق معيارهم . فعبث العابثون به لطمس معالمه ورسالته الحضارية ،ومن ثم تفريغه من كل معاني العفة والطهر والستر.... ومن معاني الأخلاق الفضيلة والاعتزاز بشرع الله، لتغتال كل المقاصد و الدلالات التربوية التي على أساسها فرض الحجاب على المرأة وبهدف اختزاله في قطعة قماش صغيرة توضع على الرأس .

مما لاشك فيه أن هذه الظاهرة أزمة أخلاقية، نابعة من ضعف أصاب جزء من مناعتنا القيمية وحرب تعلن على القيم و الأخلاق وعلى الهوية والانتماء، حتى في ما نقدسه ،وحرب الإعلام المرئي والمسموع والمجلات والمهرجانات، تهدف قتل معاني الحياء و الحشمة و العفة في صفوف بناتنا وشبابنا وتستهدف الكرامة والعفة ونشر الرذيلة والمخدرات والإجرام.... حتى أصبح الحجاب موضوعا لأفلام ساقطة تستهدفه لتطعن في شرعيته وقدسيته.

إن القدسية الشرعية للحجاب ستبقى مابقي هذا الدين وإن كانت هناك بعض السلوكيات التي تفضي إلى تشويه رسالته ،مثل وجود محجبات لا يعرفن للصلاة طريقا، ولا للخوف من الجليل سبيلا ، محجبات بعلاقات غير شرعية على مرئى ومسمع من الناس وكأن الأمر طبيعي. ويصبح اللباس الشرعي في منظور الفتاة عادة وليس عبادة تغيّرمعالمه كما تشتهي ناسية أوغافلة عن كونه أمرا ربانيا تتعبد به ربها سبحانه وترجو به الرحمة والثواب من عنده.

هذه الوضعية تستدعي من كل غيور على الإسلام أن يساهم في ترشيد وتصحيح هذا اللباس الشرعي الذي فرض على المرأة بالكتاب والسنة.

فالمسلمة عليها أن تقف وقفة مراجعة مع نفسها، وتسأل لمن تلبس هذا الحجاب؟..ولماذا ترتديه؟ وماهي الغاية من فرض هذا الحجاب على المرأة؟ هل سألت المحجبة نفسها يوما ، هل هي في طاعة وامتثال وخضوع أم هي سجينة الموضة و الدعايات المشبوهة .. أسيرة الهوى ووسواس الشيطان؟ هل عندما تقتني اللباس تستحضر ضوابط الشرع أم تشتريه وفق صيحات الموضة ،ومن أولى بالطاعة والإتباع ما أمر به الخالق أم ماتهوى وتشتهي؟ هذه الأسئلة بإجابة مضبوطة وصحيحة بمقياس الشرع، كفيلة بأن تقوم وتصحح مجموعة من المفاهيم المغلوطة عن هذا الحجاب ،فإذا كان لله سبحانه وتعالى فلنلتزم بمواصفاته الشرعية وأملنا هو رضى الله.لأن الغاية من الحجاب الستر والحفظ والتكريم للمرأة المسلمة، و الحجاب طاعة واتباع لأوامر الشارع لا لما تمليه النفس الأمارة بالسوء. ﴿ ما كان لمومن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم.﴾ الأحزاب .

فالحجاب وفق منهج الله هو صمام أمان وهو رسالة ودعوة وهوية والمحافظة عليه أمر شرعي. قد تختلف أشكال الحجاب، ولكن الأساس هو استيفاء الشروط الشرعية فيه، ليتحقق الشعور بلذة الطاعة والعبادة والخضوع لرب العالمين ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ آل عمران -ولن يتأتى ذلك إلا برفع مستوى الوعي بالجانب الشرعي في ارتداء الحجاب والعلم بالنصوص الشرعية في الموضوع،لأن العلم بالدين أساس التغيير والإصلاح والصلاح في كل المجالات، و الجهل بالأمور هو سبب أهم الاختلالات في السلوك.

والعلم يقتضي المجاهدة، فاجتهدي في معرفة الآمر لتعرفي غاية أوامره ، وعندما تتعارض مصلحتك مع الحكم الشرعي، فضعيها تحت قدميك وقولي بنفس مؤمنة إني أخاف الله رب العالمين، في هذه اللحظة الربانية ستشعرين وتتذوقين حلاوة الإيمان التي كانت نتيجة طاعة الله سبحانه.

المحجبة مطلوبة أن تستجيب وتطيع الله وتستهدي بكتابه وسنة نبيه وتحيي المقاومة والممانعة في نفسها وتوقف هذا الانحدار في تدينها قال الله سبحانه: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ }﴾ الأنفال المحجبة الربانية هي الحرة الشامخة المعتزة بلباسها ، الرافضة لتكون أسيرة الشهوات وتسعى لرضى الله ،وتقول سمعنا وأطعنا لتفوز بخير الدنيا والآخرة.

وختاما إن الشريعة الإسلامية شريعة يسر ووسطية وخير، ومقاصد أحكامها رحمة و صلاح للإنسان. وبالتالي يجب أن نتعامل مع نصوص الأحكام بمقاصدها لأن المقاصد أرواح النصوص كما قال أحد العلماء رحمه الله . والشاهد أن الغاية والحكمة من فرض الحجاب على المرأة بمواصفات معينة ، هي تحقيق الستر و العفة والتكريم ظاهريا وباطنيا.



الأستاذة مليكة البوعناني / موقع الإصلاح

0 التعليقات:

إرسال تعليق