يتعرض المرء في حياته لمواقف يحتاج فيها لاتخاذ قرارت حاسمة ،كاختيار الشعبة أو الوظيفة أو السكن أو الرحيل ... وقد يكون اتخاذ القرار بشأن بعض الأمور سهلا ،لكنه قد يصعب في أحيان أخرى بسبب غموض أو جهل أو غفلة ..
وقد تعرضت لحالات صَعُبَ علي أن أتخذ فيها القرار الصائب ، أذكر منها هذه القصة ..
كنت عضوة في إحدى الجمعيات الخيرية ، ولعدة سنوات وكنت ألاحظ أمورا لم تكن تروقني، كالتمييز والتبذير في الوقت والمال وعدم الجدية في العمل والنفاق والغيبة والنميمة و....زيادة على عدم الاكتراث بما يقدم من ملاححظات إلى المسؤولين المباشرين على الجمعية .لم تكن هذه الأمور تزداد مع الزمن إلا استفحالا ،وكنت أفكر في الإنسحاب ثم أتراجع و أقول مع نفسي الانسحاب ليس حلا ، علي أن أصبر فهذأ عمل لوجه الله ..
لكن هل هو فعلا لوجه الله ، إذا كانت أغلبية الأعضاء أصحاب مصالح .. فمنهم من يريد أن يستفيد هو وذووه من خدمات الجمعية ومنهم من يبحث عن الوجاهة الاجتماعية ...
التبست علي الأمور آنذاك ، ولم أجد أمامي فقيها أو عالما أستشيره ، وكنت أخشى أن يكون انسحابي ذنبا ، خصوصا وأن بيننا من يحسن توظيف الدين لغرض ارهاب الأعضاء ...!!
لم ينقذني من حيرتي وترددي في ذلك الوقت إلا صلاة الاستخارة، وقررت بعدها الانسحاب من الجمعية ،ولم تفلح بعد ذلك جهود المسؤولين والعضوات في إقناعي بالعدول عن قراري ، كيف أتراجع عن قرار استخرت الله فيه ..؟
لقد أنعم الله علينا بصلاة الاستخارة ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على أدائها في كل الأمور ، لكننا اليوم كثيرا ما نغفل عنها ..
وصلاة الاستخارة ركعتان، والدُّعاء الذي يقال بعدها جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلِّها كالسورة من القرآن يقول: "إذا همَّ أحدكم بالأمر، فليركعْ ركعتين من غير الفَريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرُك بعلمك، وأستقدِرك بقُدرتِك، وأسألك من فضلِك العظيم، إنّك تقدِر ولا أقدِر، وتعلَم ولا أعلم، وأنت عَلّام الغُيوب.اللّهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقِبة أمري ـ أو قال عاجِل أمري وآجِله ـ فاقدِره لي ويسِّره لي، ثم بارِكْ لي فيه، وإن كنتَ تعلَم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقِبةِ أمري ـ أو قال عاجِل أمري وآجِله ـ فاصرِفْه عنى واصرِفني عنه، واقدِر لي الخيرَ حيث كان، ثم رضِّني به" قال ويُسمِّي حاجتَه:."
الآن لم أعد أترك مجالا للحيرة والتردد فبمجرد أن أرى أن أمرا من أمور الدين أو الدنيا قد التبس علي، ولا أستطيع تمييز خيره من شره ، وحقه من باطله ، أتوضأ وأصلي ركعتين ، وأكرر ذلك لأيام وأحيانا لأسابيع ، إلى أن تتضح لي الرؤيا فأقرر بعدها ما ارتاحت إليه نفسي ولم يسبق لي أن ندمت على قرار استخرت الله فيه..
أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه،
وأن يرينا الباطل باطلا وأن يرزقنا اجتنابه..
آمين
أم عبد الرحمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق