الموضوع مقتطف من حلقة من حلقات برنامج زيارة خاصة ، الذي تبثه قناة الجزيرة.
مقدم الحلقة: سامي كليب
ضيف الحلقة: عبد الهادي التازي / مؤرخ ودبلوماسي مغربي
تاريخ الحلقة: 12/4/2008
سامي كليب: عشرات الكتب والمؤلفات والأبحاث التاريخية والعلمية والموثقة تحديدا بطريقة علمية حضارية. أنا جئت لعندك لعدة أسباب وكان آخر هذه الأسباب أنني ذهبت إلى طنجة أبحث عن حيث دفن الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة واتصلت بك على ما تذكر على ما أعتقد وقلت لي خلافا لما أنا شاهدت بنفسي وما يذهب الناس لرؤيته إن ضريح ابن بطوطة الموجود حاليا في طنجة هذا ليس ضريحه، وأن هذه شائعة من الشائعات التي موجودة في الواقع ومن أكاذيب التاريخ. طيب شو قصة الرجل أين دفن ابن بطوطة؟
عبد الهادي التازي: أنا سعيد أن تضع لي هذا السؤال لا سيما والشمس على أطراف النخيل.. السؤال هذا حقيقة مهم وطرح منذ زمن، منذ قرن أو قرنين من الزمن ولكن الذي فصل في الموضوع هو ما رواه ابن حجر في كتابه من أن ابن بطوطة كان يعيش في آخر حياته قاضيا في تمسنا، هذه تمسنا التي نسميها اليوم الدار البيضاء وحواليها. ابن الخطيب وهو معاصر لابن بطوطة نجد له رسالة يلتمس فيها من قاضي تمسنا أن يساعده على استثمار أمواله في تمسنا يعني الدار البيضاء.
سامي كليب: والقاضي كان ابن بطوطة؟
عبد الهادي التازي: القاضي ابن بطوطة، فهو لكي يتمحشر بابن بطوطة طلب إليه أن يساعده في مقامه في تمسنا من أجل استثمار أمواله. من ذلك الوقت ونحن أمام حديث ابن الخطيب وهو من هو وحديث ابن حجر وهو من هو لم نجد إطلاقا أي أثر لكون ابن بطوطة دفن في طنجة. أخواننا في طنجة..
سامي كليب (مقاطعا): ولا أي أثر على أنه دفن في الدار البيضاء.
عبد الهادي التازي: دفن في أنفا.
سامي كليب: بس أكيد؟ أكيد الكلام؟
عبد الهادي التازي: نعم أنا هذا أعتقد، لماذا؟ لأن هناك وثائق تدعمني ولأنه في عهد الحسن الأول الملك الحسن الأول كان حاول أن يدقق في الموضوع وأجمع مؤرخوا طنجة وعلى رأسهم يا سيدي سكيلج وأيدهم في ذلك مؤرخ طنجة المشهور سيد عبد الله غنون الذي عوضته في مجمع اللغة العربية على أن ابن بطوطة لم يدفن في طنجة..
سامي كليب (مقاطعا): طيب الضريح الموجود دكتور عبد الهادي التازي، يعني أنا ذهبت إلى ضريح في المدينة القديمة ووجدت ضريحا وبعض المخطوطات وهناك نص مكتوب أن هنا دفن ابن بطوطة.
عبد الهادي التازي: يا سيدي الفاضل هناك بعثة بريطانية جاءت إلى المغرب قبل سنين وهي ما تزال إلى الآن تباشر أعمالها واقترحت علي أن أروح معها إلى مدينة طنجة وخشينا للمدينة القديمة ذات المنعرجات والمرتفعات ولم نجد أي أثر، هو حقيقة الوهم بعض الأحيان بما أن ابن بطوطة ولد في طنجة ينبغي أن يموت في طنجة..
سامي كليب (مقاطعا): وخصوصا أنه ابن طنجة.
عبد الهادي التازي: ولذلك أرجو أن تكونوا ترجمانا ليعبر عن أن لمدينة أنفا في عهد ابن بطوطة تاريخا من ألمع التواريخ.
سامي كليب: طيب على كل حال فقط وددت التذكير واسمح لي بالمقاطعة دكتور عبد الهادي التازي يعني حضرتك يعني وخصوصا لمن يود القراءة عن ابن بطوطة هذا الرحالة المغربي الشهير الذي في الواقع يعني مع الوقت بدأ الناس يتناسون من هو بالضبط ويسمعون عن ابن بطوطة وكأنها طرفة أو نكتة، يعني حضرتك أبرز من كتب وحقق في تاريخ الرجل حققت الرسائل والنصوص حتى بعض النصوص النادرة التي وجدتها حققت بما كتب أو ما نقل عنه الأحرى ليس هو الذي كتب ويعني تفضلت بأشياء أنا قرأتها للمرة الأولى، ربما معلوماتي عن ابن بطوطة لم تكن واسعة ولكن بفضل ما كتبت حضرتك مثلا أنه تزوج في سوريا ابن بطوطة، صحيح تزوج من امرأة سورية؟
عبد الهادي التازي: هو تزوج، هو أولا ابن بطوطة.. سأشكرك على أنك أثرت اهتماماتي بابن بطوطة، أنا اعتمدت في تحقيقي على ثلاثين مخطوطة، وكنت حريصا على أن أؤدي الأمانة لهذا الرجل العظيم الذي تعتبر رحلته اليوم أول رحلة في تاريخ البشرية جمعاء ولا ماركو بولو ولا غيره، هذا الرجل ينبغي للعالم العربي أن يجعله في قمة رجال الاكتشاف..
سامي كليب (مقاطعا): حتى حضرتك تقول إن دقة معلوماته عن الصين أهم مما كتب ماركو بولو.
عبد الهادي التازي: أول الذي يرجع له الفضل في تقديم الصين للعالم العربي. في الأسبوع المقبل يا سيدي بعد عودتي من القاهرة عندي موعد مع وفد مهم حيجي..
سامي كليب (مقاطعا): صيني؟
عبد الهادي التازي: (متابعا): من الصين، من أجل الحديث عن الموضوع، وأنا كم كان يسرني عندما زرت الصين أن أجد أن هناك اقتناعا قويا بأن ابن بطوطة زار بلادهم..
سامي كليب (مقاطعا): إذاً تزوج سورية، من سيدة سورية هذا كان سؤالي؟
عبد الهادي التازي: سورية؟ لا هي سورية ولكنها هي أصلا من مكناس ومعها أنجب ولكنه لم يقدر لهذا المولود لم تقدر له الحياة. وأريد أن أقول في كلمات قصيرة..
سامي كليب (مقاطعا): يعني مات بدون أولاد ابن بطوطة؟
عبد الهادي التازي: الولد الوحيد الذي بقي مجهولا في التاريخ اسمه أحمد وتركه في الهند ويقول ابن بطوطة عنه بكل مرارة إنه لم يعرف مصيره لا هو ولا أمه.
سامي كليب: رغم أنه كان يرسل لهما المال.
عبد الهادي التازي: هذا كان يرسل المال لابنه في سوريا.
سامي كليب: آه في سوريا وليس في الهند.
عبد الهادي التازي: أما الولد اللي بقي في الهند أحمد كان يتحسر على أنه لم يستطع أن يعرف مصيره لأن ابن بطوطة راح في سفارة من الهند إلى الصين وترك هذا الابن عند أمير من الأمراء ولم يعرف مصيره.
سامي كليب: على كل حال لو سمحت لي دكتور عبد الهادي التازي لأن الحديث طبعا سيتشعب إلى أسئلة عديدة، فقط وددت أن أشير مثلا إلى بعض الكتب رحلة ابن بطوطة لحضرتك ومجلدات عديدة حول الرجل، هذا كتاب قديم ولكن هناك مجلدات جديدة وجدتها في المكتبات.
عبد الهادي التازي: خمسة مجلدات.
سامي كليب: خمسة مجلدات بالضبط. واكتشفت أيضا في شخصية ابن بطوطة أنه أحببت جزءا منها وجزء ليس بالكثير أنه كان حين يذهب لعند الحكام مثلا إن لم يهدوه بعض الهدايا ومنها الأبقار وما إلى ذلك فكان يذم بعض الحكام وهذا ما حصل في مالي مثلا.
عبد الهادي التازي: لطيف أن تثير مثل هذه الأفكار وألطف من ذلك أن تعرف أن ابن بطوطة كان ذا شمم ذا أنفة بحيث لم يصل به الأمر إطلاقا لأن يطلب ولكنه كان عندما يعرض نفسه على الحكام كانوا يشعرون بأنهم أمام تحفة من تحف الزمان فكانوا يواسونه. ابن بطوطة كان يعتمد على نفسه في تمويل رحلته، ستفاجأ..
سامي كليب (مقاطعا): وعلى بعض أبناء الجالية المغربية أيضا، كان ينام عندهم..
عبد الهادي التازي: كانت في العصور الوسطى من المحببات أن ينام الضيف عند أصحابه وأن يتناول غداءه الغداء عند أصحابه. الذي أفاجئك به أن ابن بطوطة كان يتعيش بما يخطه من كتب وهو في أثناء الطريق.
سامي كليب: بس هو يروي أن بعض الحكام كانوا يهدونه مثلا بعض الهدايا.
عبد الهادي التازي: خلاص يعني كانوا يهدونه الهدايا ولما كان في سوريا مثلا كتب مخطوطة بخط يده وهي عبارة عن كتاب “المفهم لما أشكل من تاريخ مسلم”, وهذه المخطوطة توجد الآن في الأزهر الشريف في المكتبة هناك.
سامي كليب: طيب الغريب دكتور عبد الهادي التازي يعني مثلا هناك مخطوطات على ما يبدو في فرنسا، مخطوطة في إسبانيا.
عبد الهادي التازي: كثير، كثير.
سامي كليب: طيب المغرب كأنه لم يهتم كثيرا بهذا الجانب؟
عبد الهادي التازي: مع الأسف. سؤالك جيد، البلد الذي حررت فيه الرحلة ومدينة فاس لا يتوفروا ولو على نسخة كاملة من رحلات ابن بطوطة، إنما ظل ابن بطوطة وخياله ونفسه يتجلى في كل حتة من حتت فاس من مدينة فاس..
سامي كليب (مقاطعا): بس الغريب أنا ذهبت إلى مدينة طنجة وسألت الناس هل تعرفون من هو ابن بطوطة، أقسم لك أن 90% من الناس لا يعرفون من هو ابن بطوطة.
عبد الهادي التازي: صحيح معك حق.
سامي كليب: وكأنه في تجاهل للرجل يعني.
عبد الهادي التازي: معك حق وأضيف إلى قولك أن الإجماع من المستشرقين الخواجات كلهم لهم الحق إن ابن بطوطة يعتبر مرجعا أساسيا لتاريخ العرب في العصور الوسطى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق