لا يكاد بيت من البيوت يخلو من ثلاجة، وقد يوجد في البيت الواحد أكثر من واحدة ، بل حتى البادية دخل الجهاز بعض بيوتها ويحاول أهلها ممن زودوا بالكهرباء الحصول عليها رغم فقرهم ..
أذكر في الصغر أن البيوت "المحظوظة" فقط هي التي كانت تتوفر على الثلاجة وكان الجيران يُحرٍجون أصحاب هذا البيت بطلباتهم تبريد قنينات الماء في فصل الصيف، أما في عيد الأضحى فقد كان تراكم اللحوم في ثلاجة هذا الجار المسكين يؤدي إلى إتلافه ...!!
مرت السنين وأصبح لكل بيت ثلاجة، بل هناك من الأسر من تكتري غرفة فقط تأخد فيها الثلاجة حيزا يزيد من ضيق المكان ..
اختفت طرق تقليدية لحفظ الأطعمة بفعل وجود هذا الجهاز كيف لا وهوفي نظر الناس يمكّن من حفظ الطعام "كما هو" ولمدة طويلة..
من الطرق التي لم تعد معتمدة إلا نادرا تقديد اللحم في عيد الأضحى أو حين يكون لدى ربة البيت فائض من اللحم تخشى فساده ، فالقديد أصبح عنوانا للتخلف ، كما أن طعمه لم يعد مستساغا لدى كثيرين، لكن الحمد لله أن عالم التغذية الدكتور محمد فائد يحث النساء في كل مناسبة على العودة لاستخدام هذه الطريقة التقليدية نظرا لفوائدها الجمة ...وقد تمكن فعلا من إقناع العديد من النساء ..
في مقابل التخلي عن الطرق التقليدية ،ظهرت طرق لحفظ الخضرمثلا وذلك بتقطيعها ووضعها في المجمدة ، ومن النساء من يحفظن الفواكه الموسمية والخبز وأنواع الفطائر وبعض الوجبات ... وتتباهى بعض السيدات بتوفرهن على خضر وفواكه الصيف في عز الشتاء، وخضر الشتاء في عز الصيف فتمتليء ثلاجات أمثال هؤلاء بأصناف كثيرة من الأطعمة والخضر والفواكه ...وكأن أهل ذلك البيت مقبلون على مجاعة .. !!
كثير من هذه الخضر الموضوعة في الثلاجات يكون مصيرها الاتلاف ، وبالتالي سلة المهملات فتتحول الثلاجة من وسيلة لحفظ الطعام إلى وسيلة للتبذير وهذر ميزانية البيت ، ولو قمنا بعملية حسابية كل أسبوع عن كمية الخضر وغيرها من الأطعمة المتلفة داخل الثلاجة لاستنتجنا ان هذه التلاجة لا تستهلك الطاقة الكهربائية فقط ..!!
وبالتالي فشراء ما يكفي ليومين أو ثلاثة وبكميات معقولة أفضل من شراء ما يكفي لأسبوع أو أكثر ...
تلقيت العديد من النصائح في مجال حفظ الأطعمة والخضر واسخدمت بعضها وكانت النتيجة: أكل بلا طعم ...!! فلا أكل يضاهي الأكل المعد بمواد طازجة لم تمكث في الثلاجة ولو يوما واحدا ، ولعل الكثيرين لاحظوا كيف يتغير طعم اللحم عند مكوثه في الثلاجة لفترة معينة ..
كنا نشم في شهر رمضان رائحة الحريرة الشهية على بعد مسافات حين كانت النساء تعدها في يومها ،أما اليوم وبعد ان اهتديتن إلى طريقة التحضير القبلي لمكوناتها ووضعها في مجمد الثلاجة واستعمالها بعد أيام أو أسابيع أصبحت الحريرة بلا طعم ولانكهة...!!
إن الثلاجة تصلح فعلا لحفظ الأطعمة ولكن لفترة وجيزة أرى شخصيا أن لاتتعدى الأسبوع الواحد ،وبالتالي فعلى ربة البيت أن لا تسرف في اقتناء ما تشتهيه النفس إن شاءت أن يكون ما تقدمه لأسرتها طيبا ، كما أن الأسواق مليئة بأصناف الخضر والفواكه الموسمية والطرية ومن الأفضل الاستفادة منها في وقتها لنترك فرصة للاستفادة من الخضر والفواكه التي تأتي في الموسم الموالي..
لقد كان أجدادنا يلجؤون لحفظ بعض الأطعمة بطرق تقليدية أثبت العلم الحديث أنها صحية، فكانوا يجففون الخضر والفواكه واللحم والأسماك ..وكان سكان الجبال أكثر الناس استخداما لهذه الطرق ففصل الشتاء عندهم يطول ، والمواصلات منعدمة ،وقد يلبثون شهورا داخل بيوتهم لا يستهلكون إلا هذه الأطعمة ...
ومع ذلك يبقى دور الثلاجة بالنسبة لي مهما في فصل الصيف، حين يشتد الحر ويحتاج المرء لانعاش جسده بشربة عصير بارد، أو قطعة من فاكهة البطيخ الأحمر أو الأصفر ...
أما الماء البارد فليس هناك أفضل من ماء "برادة " الطين..
أم عبد الرحمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق