أفلح الكاتب د.علي الحمادي باختياره العنوان ، فهناك فعلا أساتذة في التميز لايحتكرون تميزهم لأنفسهم بل يلقنونه غيرهم بأقوالهم وأفعالهم ..
والتميز ليس غريبا علينا نحن المسلمين بل هو من صميم ديننا الذي يشجع على العمل والإتقان والإحسان :
يقول الله عز وجل:(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه"صححه الألباني
وقال أيضا :" إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"رواه مسلم
فالخاص والعام يحفظ هذه النصوص ، لكن القليلين فقط هم الذين يتمثلونها فتحية طيبة لهم وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
آمين
أساتذة التميز/ د.علي الحمادي
من أهم أسرار التأثير في الآخرين ضرورة التميز عنهم بالأمر الذي يراد التأثير من خلاله، ذلك لأن الناس لا يلتفتون إلى من لا طعم له ولا لون ولا رائحة.
والتميز هو التفرد الذي يمكنك به الظهور على الآخرين والتفوق عليهم.
ولا يكفي للتأثير الفذ أن يتقن المرء صنعة ما، وإنما يجمل به أن يتميز في صنعته هذه عن الصنائع الأخرى (المشابهة أو المنافسة) وعن صناعها.
وأما التميز في الأمة الإسلامية فهو نابع من صميم دينها، إذ ميزها ربها عن غيرها من الأمم، وسما بها على سائر البشر، وفي هذا يقول الله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ( آل عمران: 110)
إن الناس قد تعاملوا مع جميع مجالات الحياة وخاضوا غمارها، ولذا من لا يزيد فيها شيئاً جديداً ويتميز في أمر يختلف فيه عن الآخرين فسوف يُهمَّش في هذه الحياة، وتذهب ريحه، ويضمحل أثره، ويكون كغيره لا قيمة ولا وزناً كبيراً له، حياته نمطية تقليدية، ويومياته روتينية لا طعم لها، يأكل ويشرب ويلهو وينام ولا شيء غير ذلك، لسان حاله يقول:
إنما الدنيا طعـام ** وشـراب ومنـام
فإذا ما فـات هذا** فعلى الدنيا السلام
وقصة الثلاثة الذين دخلوا الغار تضرب مثلاً فذاً على التميز، إذ إن الأول تميز ببره لوالديه، والثاني بعفته، والثالث بأمانته.
وانظر كذلك إلى السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، فكل واحد منهم تميز بميزة جعلته أهلاً لأن يبلغ هذه المنـزلة الرفيعة في أصعب موقف يمكن أن يقفه الإنسان.
والذين تميزوا بالصيام في الدنيا، ميزهم الله يوم القيامة بباب في الجنة لا يدخله غيرهم.
والزبير بن العوام كان من المتميزين في الشجاعة حتى إنه كان يُعدّ بألف رجل، وكان يركب فرسه ويضع عليه ابنه عبدالله ثم يخترق جيش الروم ويشقه نصفين حتى يصل إلى مؤخرة الجيش، ثم يعود وهو يقاتل بسيفين، سيف بيمينه وسيف بشماله، لسان حاله يردد ما قاله امرؤ القيس:
مكر، مفر، مقبل، مدبرٌ معا ** كجلمود صخر حطه السيل من عل
وتأمل معي كذلك العمل الذي تميز به بلال بن رباح (رضي الله عنه)، والذي سمع به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دف نعليه في الجنة.
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لبلال عند صلاة الفجر «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: «ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» (رواه البخاري)
ومن قبل كان عنترة قد اشتهر وتميز بالشجاعة حتى إن ديوانه مليء بشعر الشجاعة والحماسة، وكان مما قال:
حكِم سيوفك في رقاب العذل **وإذا نزلت بـدار ذل فـارحل
وإذا الجبان نهاك يوم كريهـة ** خوفاً عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تحفل بـها ** واقدم إذا حـق اللقا في الأول
واختر لنفسك منـزلا ً تعلو به ** أو مت كريماً تحت ظل القنسطل
ولقد كان أبوحنيفة رحمه الله متميزاً بالعلم والحجة حتى قيل عنه إنه لو أراد أن يثبت لك أن اسطوانة المسجد (والتي هي من طين أو جذع نخل) من ذهب لأقام على ذلك دليلاً ولاستطاع أن يقنعك بذلك.
وتميز ابن عقيل البغدادي بالتأليف حيث إنه ألف العديد من المؤلفات العظيمة منها، على سبيل المثال، كتاب الفنون والذي يقع في (400) جزء، يقول عنه الإمام الذهبي: ما أُلِّف مثله من قبل.
وفي العصر الحديث؛ تميز إديسون باختراعاته الفذة، والتي ارتفعت بها البشرية، حتى إنه حاز على (1093) براءة اختراع.
كذلك الياباني يهيرو نكاماتس، فقد حصل على أكثر من (2500) براءة اختراع، ويُعتبر أكثر رجل (عبر التاريخ) حصل على براءات اختراع.
كما تميزت شركة سوني بالمنتجات الجيبية (Pocketability) إذ حرصت على تصغير حجم منتجاتها الإبداعية إلى حجم يسعه جيبك، ولذا عندما تذهب إلى السوق تجد في كل فترة جهازاً لشركة سوني أصغر من نفس الجهاز الذي أنتجته قبل بضعة أشهر.
وتميزت شركة فيدرال اكسبرس(Federal Expres) بالسرعة في توصيل البريد، حيث إن شعارها( Over night) أي نوصله لك في ليلة واحدة.
أما شركة دانا (Dana) فقد تميزت بالأسلوب الإداري المبسط، والذي جعل كل واحد من العاملين مندمجاً مع العمل الكلي مع بقاء كل الأمور مبسطة، فلا توجد أدلة تشرح السياسات أو الإجراءات، ولا مستويات إدارية كثيرة، ولا أكوام من تقارير الرقابة، ولا حساسيات تسد الطريق على الاتصال الشخصي مع جميع الموظفين في جميع المستويات الإدارية في الشركة.
المصدر:
مجلة الوعي الإسلامي
والتميز ليس غريبا علينا نحن المسلمين بل هو من صميم ديننا الذي يشجع على العمل والإتقان والإحسان :
يقول الله عز وجل:(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه"صححه الألباني
وقال أيضا :" إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"رواه مسلم
فالخاص والعام يحفظ هذه النصوص ، لكن القليلين فقط هم الذين يتمثلونها فتحية طيبة لهم وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
آمين
أساتذة التميز/ د.علي الحمادي
من أهم أسرار التأثير في الآخرين ضرورة التميز عنهم بالأمر الذي يراد التأثير من خلاله، ذلك لأن الناس لا يلتفتون إلى من لا طعم له ولا لون ولا رائحة.
والتميز هو التفرد الذي يمكنك به الظهور على الآخرين والتفوق عليهم.
ولا يكفي للتأثير الفذ أن يتقن المرء صنعة ما، وإنما يجمل به أن يتميز في صنعته هذه عن الصنائع الأخرى (المشابهة أو المنافسة) وعن صناعها.
وأما التميز في الأمة الإسلامية فهو نابع من صميم دينها، إذ ميزها ربها عن غيرها من الأمم، وسما بها على سائر البشر، وفي هذا يقول الله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ( آل عمران: 110)
إن الناس قد تعاملوا مع جميع مجالات الحياة وخاضوا غمارها، ولذا من لا يزيد فيها شيئاً جديداً ويتميز في أمر يختلف فيه عن الآخرين فسوف يُهمَّش في هذه الحياة، وتذهب ريحه، ويضمحل أثره، ويكون كغيره لا قيمة ولا وزناً كبيراً له، حياته نمطية تقليدية، ويومياته روتينية لا طعم لها، يأكل ويشرب ويلهو وينام ولا شيء غير ذلك، لسان حاله يقول:
إنما الدنيا طعـام ** وشـراب ومنـام
فإذا ما فـات هذا** فعلى الدنيا السلام
وقصة الثلاثة الذين دخلوا الغار تضرب مثلاً فذاً على التميز، إذ إن الأول تميز ببره لوالديه، والثاني بعفته، والثالث بأمانته.
وانظر كذلك إلى السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، فكل واحد منهم تميز بميزة جعلته أهلاً لأن يبلغ هذه المنـزلة الرفيعة في أصعب موقف يمكن أن يقفه الإنسان.
والذين تميزوا بالصيام في الدنيا، ميزهم الله يوم القيامة بباب في الجنة لا يدخله غيرهم.
والزبير بن العوام كان من المتميزين في الشجاعة حتى إنه كان يُعدّ بألف رجل، وكان يركب فرسه ويضع عليه ابنه عبدالله ثم يخترق جيش الروم ويشقه نصفين حتى يصل إلى مؤخرة الجيش، ثم يعود وهو يقاتل بسيفين، سيف بيمينه وسيف بشماله، لسان حاله يردد ما قاله امرؤ القيس:
مكر، مفر، مقبل، مدبرٌ معا ** كجلمود صخر حطه السيل من عل
وتأمل معي كذلك العمل الذي تميز به بلال بن رباح (رضي الله عنه)، والذي سمع به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دف نعليه في الجنة.
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لبلال عند صلاة الفجر «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: «ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» (رواه البخاري)
ومن قبل كان عنترة قد اشتهر وتميز بالشجاعة حتى إن ديوانه مليء بشعر الشجاعة والحماسة، وكان مما قال:
حكِم سيوفك في رقاب العذل **وإذا نزلت بـدار ذل فـارحل
وإذا الجبان نهاك يوم كريهـة ** خوفاً عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تحفل بـها ** واقدم إذا حـق اللقا في الأول
واختر لنفسك منـزلا ً تعلو به ** أو مت كريماً تحت ظل القنسطل
ولقد كان أبوحنيفة رحمه الله متميزاً بالعلم والحجة حتى قيل عنه إنه لو أراد أن يثبت لك أن اسطوانة المسجد (والتي هي من طين أو جذع نخل) من ذهب لأقام على ذلك دليلاً ولاستطاع أن يقنعك بذلك.
وتميز ابن عقيل البغدادي بالتأليف حيث إنه ألف العديد من المؤلفات العظيمة منها، على سبيل المثال، كتاب الفنون والذي يقع في (400) جزء، يقول عنه الإمام الذهبي: ما أُلِّف مثله من قبل.
وفي العصر الحديث؛ تميز إديسون باختراعاته الفذة، والتي ارتفعت بها البشرية، حتى إنه حاز على (1093) براءة اختراع.
كذلك الياباني يهيرو نكاماتس، فقد حصل على أكثر من (2500) براءة اختراع، ويُعتبر أكثر رجل (عبر التاريخ) حصل على براءات اختراع.
كما تميزت شركة سوني بالمنتجات الجيبية (Pocketability) إذ حرصت على تصغير حجم منتجاتها الإبداعية إلى حجم يسعه جيبك، ولذا عندما تذهب إلى السوق تجد في كل فترة جهازاً لشركة سوني أصغر من نفس الجهاز الذي أنتجته قبل بضعة أشهر.
وتميزت شركة فيدرال اكسبرس(Federal Expres) بالسرعة في توصيل البريد، حيث إن شعارها( Over night) أي نوصله لك في ليلة واحدة.
أما شركة دانا (Dana) فقد تميزت بالأسلوب الإداري المبسط، والذي جعل كل واحد من العاملين مندمجاً مع العمل الكلي مع بقاء كل الأمور مبسطة، فلا توجد أدلة تشرح السياسات أو الإجراءات، ولا مستويات إدارية كثيرة، ولا أكوام من تقارير الرقابة، ولا حساسيات تسد الطريق على الاتصال الشخصي مع جميع الموظفين في جميع المستويات الإدارية في الشركة.
المصدر:
مجلة الوعي الإسلامي
0 التعليقات:
إرسال تعليق