السبت، 4 يوليو 2009

من كنوز البادية: الطعام الطيب


كنا نسمع من أهالينا القادمين من الخارج أن الطعام هنا في البلد أطيب من الطعام الذي يعدونه هناك، وكانوا يعتقدون توابل البلد أفضل، فيعمدون إلى شراءها علّهم يحصلون على النتيجة المطلوبة، وكان الأجانب أيضا يظنون ذلك، وكثيرا ما كانوا يحملون معهم التوابل من عندنا، أو يوصون من يأتيهم بها..
لم يمض كثير من الوقت حتى أصبحنا نحن أيضا نلاحظ تغيرا كبيرا في طعم الخضر والفواكه واللحوم..وغيرها من المنتجات الفلاحية، والذي يعزى إلى الإستعمال المفرط للكيماويات والأعلاف الصناعية وأشياء أخرى، فقد تغيرت طرق إنتاج العديد من المنتجات الفلاحية، ولم يفلت من هذا التغيير إلا المناطق النائية والتي لا زال أهلها يحضرون أطباق لذيذة ودون الحاجة لإضافة منكهات، بل أحيانا لا يجدون ما يتبلون به أطباقهم فيقتصرون على الملح..!!
لقد اصبح اقتناء بعض المضافات الغذائية ضروريا عند بعض نساء المدينة لتطييب الطعام، بعد أن صارت الخضر واللحوم وغيرهما بلا طعم، في الوقت الذي يتمتع فيه أهل البوادي على العموم بطعام طيب...وكلما كانوا أبعد من المناطق الحضرية كلما كان طعامهم طيبا بل وصحيا أيضا..
ومن أراد أن يتأكد فليرسل من يحضر له من هناك بعض المنتجات المحلية، وسوف يلاحظ فرقا شاسعا في الطعم، لكن شريطة أن لا تكون هذه المواد معالجة بالكيماويات..
وهذا الذي أذكره اليوم هو عن تجربة خاصة، فقد صرت أغتنم الفرص، وكلما سمعت أن من أهل البادية من سيحضر إلينا، أوصيه أن يحضر لي معه شيئا من خيراتها...
لقد فطن بعض الناس في المدن الكبرى أيضا لذلك، حين لاحظوا أن طعم لحوم الأضاحي لم يعد كما كان في السابق، ولم تعد التواب لتطيبه، بل العكس الذي يحدث فتكفي قطعة صغيرة من هذا اللحم لإفساد طعم قدر بأكملها..
فقد استخدم الكثير من مربي الماشية الأعلاف الاصطناعية وهرمونات النمو، الشيء الذي أثر على جودة اللحوم بصفة عامة، و هذا هو الذي جعل بعض من أعرفهم يقطع المسافات الطوال لكي يحضر أضحية من مكان لم تصله بعد وسائل التسمين الحديثة..
لست أدري إلى أين نسير، ففي الوقت الذي بدأ الغرب يشجع الإنتاج الفلاحي الطبيعي، ويحذر من كثرة استخدام المضافات الغذائية، أصبحنا نحن نستخدم بشكل جنوني المبيدات والكيماويات و...وقد لاحظت أحيانا أن رائحة بعض الكيماويات تطغى على رائحة الخضر، فالشكل شكل خضر لكنها بلا طعم وأحيانا بطعم غريب، كما أنها تحمل قدرا لا بأس به من السموم، وإذا أضفنا إلى ذلك المعلبات والمنكهات والملونات الصناعية، فستصير أجسامنا خزانات للسموم..

العديد من الناس واعون بخطورة التصنيع الذي طال المنتجات الفلاحية، لكنهم لا يملكون من الأمر شيئا، وتبقى المسؤولية ملقاة على عاتق الفلاحين الكبار فمنهم من يجهل هذه الحقائق وهؤلاء يحتاجون إلى توعية، ومنهم من لا يهمه إلا الربح السريع ولو على حساب صحته وصحة الناس..

إننا في زمن أرى أننا مطالبون فيه بتوثيق الصلة بالبادية، وتوعية أهلها بالكنوز الثمينة التي لا زالوا يحتفظون بها ولا يدركون قيمتها...


أم عبد الرحمان

0 التعليقات:

إرسال تعليق