رذيلة الحسد قديمة على الارض قدم الإنسان نفسه...
ما إن تكتمل خصائص العظمة في نفس، أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغصا لا يريحه إلا زوال النعمة، وانطفاء العظمة، وتحقق الإخفاق.
وقد كنت أظن أن مسالك العظماء، وأنماط الحياة المترفعة التي تميز تفكيرهم وومشاعرهم هي السبب في كراهية الساقطين لهم، وتبرمهم بهم.
ثم تبينت خطأ هذا الظن، فكم من موهوب لا تزيده مجادته إلا تقربا إلى الناس، وعطفا عليهم.
ومع ذلك فإن التعليقات المرة، تتبعه، وكذلك التشويه المتعمد لآثاره الطيبة، والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة!!!
فما السر إذن؟.
السر ان الدميم يرى في الجمال تحديا له، والغبي يرى في الذكاء عدوانا عليه، والفاشل يرى في النجاح إزراء به، وهكذا!!!
فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟
إن وقائع الحياة أعتى مما نتمنى، ودسائس الحاقدين ومكائدهم ومؤامراتهم لا تنتهي حتى تبدأ.
إن الحال في كل زمان يحتاج إلى امداد سريعة من المساندة او العزاء لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم، وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء.
وذلك لكثرة ما يصيبهم من تعويق النثبطين وإيذاء الناقمين والشامتين.
أجل إنهم في حاجة لان يقال لهم: لا تيأسوا، فإن ما تتوجسون من نقد إو تجاهل هو كِفاء ما أوتيتم منطاقة ورسوخ.
ومنذ أربعة عشر قرنا ظهر محمد صلى الله عليه وسلم في العرب، وكان أصحاب الريلسات الدينية المبجلة من الاحباروالرهبان قد أحسوانبأه، والتفوا به ليستوثقوا من صدق دعوتهوصحة رسالته.
ولم يحتج الامر إلى طول تمحيص فسرعان ما أيقن القوم أنهم امام رسول من رب العالمين، يجب أن يومنوا به وان ينضموا إليه.
بيد أنهم طووا انفسهم على هذه الحقيقة، وكرهوا عن تجاهل لاعن جهل أن يذكروها، بله ان ينشروها!!
أن النجاة من ظلمات الحياة ومظالم الناس وأحقادهم ليست بالأمر السهل.
لا بد لها من أضواء يبعثها رب الفلق الذي يستطيع وحده ان يمحو آية الليل بآية النهار..
وقد أمرنا الله ان نستعيذ من شرور الحاسدين كما يستعيذ به من شر الليل الغاسق، ومن صنوف الأذى كلها، سواء حملتها هامة او دابة او إنسان.
سورة الفلق
هذه الاستعاذة ضرورة، فالذين رزقوا من النعم المادية أو الأدبية ما يغري الآخرين بتنفصهم، وسد منافذ الحياة والارتقاء امامهم، أحوج الناس إلى تاييد الله لهم، كي يؤدوا رسالتهم ويبرزوا مواهبهم...
من كتاب "جدد حياتك"
للغرالي رحمه الله
0 التعليقات:
إرسال تعليق