ورث رجل وأخواه عن أمهم قطعة أرض بالبادية وبضع شجرات زيتون وخروب، وكان "نصيبهم" من الإرث يصلهم إلى المدينة أو يأتي به أحدهم عند زيارة أخواله وبنيهم...
كان الرجل يعتبر نفسه المسؤول عن إخويه، حيث أنه أكبرَهم وقد آلى على نفسه أن يتكلف بأمرالإرث..
مرت السنين وتقدم الرجل في السن، فأصبح يجد مشقة كبيرة في السفر، فالمسالك المؤدية إلى القرية وعرة، زيادة على طول المسافة بينها وبين المدينة، وكان أبناؤه يشفقون عليه من ذلك، وطلبوا منه مرارا أن يترك القوم لضمائرهم، لكنه كان يقول: "هذا حقي وحق إخوتي، ومن تنكر لحقه في الدنيا فسوف يتنكر له في الآخرة..."
أما المتصرفون في الإرث وبعد أن طال العهد، فقد صاروا يعتبرون أنفسهم أولى به من أصحابه الشرعيين، فبدأوا يخلقون العديد من المشاكل والمتاعب للرجل فألجؤوه إلى القضاء الذي عانى من التنقل بسببه الكثير، وكانوا يتلاعبون به فيراسلونه ليحضر إليهم لأخذ نصيبه، وعندما يسافر إليهم لا يعطونه شيئا..!!!
وفي آخر المطاف استقر رأيهم على أن يشتروا النصيب ولكن بثمن زهيد جدا، لكن الرجل رفض..وظل الأمر على ما هو عليه....
وفي أحد الأيام قرر أن يباشر عملية الحرث بنفسه فاستأجرعاملا ليحرث له الأرض، وما أن وضع المحرات حتى جاءت امرأة تصرخ وتولول وألقت بجسدها أمام المحراث وقالت: "فليمر هذا المحراث على جسدي قبل أن يحرث الأرض.."
فما كان منه إلا أن جمع متاعه، وقفل راجعا إلى بيته ولسان حاله يقول حسبي الله ونعم الوكيل..
لم تمض إلا سنة، حتى أصيبت المرأة بمرض غريب، انتفخ على إثره بطنها وانفجر...فكان أقرب المقربين إليها لا يطيقون الاقتراب منها، ولم يسعفها نقلها للمستشفى إذ توفيت بعد ذلك..
فسبحان الله الذي قال في محكم كتابه:
" وما كنا عن الخلق غافلين"
سورة المؤمنون الآية 17
أم عبد الرحمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق