هي رقية بنت محمد بن العربي بن إبراهيم بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن يعقوب ولدت سنة 1301 هجرية وهي زوجة الشيخ علي الدرقاوي ووالدة العلامة المختار السوسي.
تربت السيدة رقية في بيت علم ودين، فقد حرص والدها العربى الأدوزى علامة منطقة جزولة في عصره، على تعليمها وتربيتها تربية تليق بأهل بيت الأدوزي، فأتقنت حفظ كتاب الله تعالى، ويخبرنا بذلك ابنها العلامة المختار السوسي في كتابه المعسول بقوله :"أخبرني أستاذها سيدي أحمد بن عبد الله الاجلالنى المجاطى، قال:" استدعاني الأستاذ سيدي محمد بن العربى، سنة 1310 هجرية من المدرسة الأدوزية، فأمرني أن ألازم داره، وأن أعتكففيها على تعليم بناته وأولاده، فخرجت إلي والدتك في دراعة سوداء، وفى رأس لوحتها، "يوم يفر المرء..." الآية.
وقد كانت تتعلم قبل أن اتصل بها عند غيري ثم دأبت عندي حتى ختمت سبع ختمات، وجودت غاية التجويد، فعوّل والدها أن يدخل بها إلى طور العلوم، فإذا تزويجها جاء بغتة و ذلك عند مراهقتها، قال فحين أرادت أن تركب على البغلة جاءت حتى قبلت رأسي، فركبت ولوحتها معها، كرمز لكونها لا تزال تتعلم، وقد كان والدها قد ذكر ذلك لزوجها، ولكن أيمكن ذلك له مع ما طوق به من إرشاد العباد ليل نهار...".
ومما يحكيه العلامة السوسي عن والده أنه أنشد بعض الأبيات عقب توقيعه على عقد زواجه بالسيدة رقيه:
جزاك إله العرش خير جزالة ** أيا شيخنا أوليت فوق المنى جرما
زففت لنا بنتين بنتا لفكركم ** وبنتا لصلبكم فذى نعمة عظمى
جمعت لنا الأختين في عقد واحد** فلم يكن ذاك في قضيتنا إثما
ولما وصلت السيدة رقية إلى إلغ، وصلتها من والدها أبيات يودعها بها:
فراق بنتي صعب ** على فؤادي جدا
لم أرض للدهر فعلا** ولم أطق له ردا
لكن مولاي ربي ** قضاؤه لن يردا
أفنى الفراق قلوبا ** لما رأت لك بعدا
لم أر عيبا وشينا ** أعده لك عدا
لذاك لم أرض صبر ا** عنك رقية بدا
ودعتك الله ربي** يحفظ لي منك عهدا
من أين كنت فقلبي ** عني هنالك صدا
عندما ألقت السيدة رقية عصاها في دارها الجديدة، أصبحت هي معلمة الدار، والمرشدة والواعظة للوافدات إلى زوجها الشيخ الدرقاوي، فقد كانت أول معلمة من النساء في إلغ، كما كانت تعلمهن قراءة الكتب الشلحية الموجودة بكثرة المشتملة على السير والأحاديث والقصص.
كما كان لها دور كبير في تربية وتهذيب أبنائها، ولعل شهادة ابنها المختار السوسي خير دليل على ذلك حيث يقول : "أول ما أعلمه عن والدتي أنها هي التي سمعت منها بادئ ذي بدء تمجيد العلم وأهله، وأكبر تلك الوجهة، وكان كلّ مناها أن تراني يوما ممن تطلعوا من تلك الثنية، وممن يداعبون الأقلام، ويناغون الدفاتر.."، هكذا حرصت هذه السيدة الفذة على تحفيز ابنها لطلب العلم، كما ساعدته بالدعاء متحرية أوقات الاستجابة، لتتحقق في ابنها أمنيتها التي حرمت منها وهي التبحر الواسع في العلم والمعرفة. يقول: "أيقظتني يوما فناولتني كأسا مملوءة ماء، فقالت: أن هذا الماء ماء زمزم الذي هو لما شرب له، وهذا سحر يوم عظيم، وهو مظنة الاستجابة، فأجرع منه وأنوي في قلبك أن يرزقك الله العلم الذي أتمناه لك دائما".
كما كانت لها رحمة الله عليها يد لا تعرف إلا أن تناول بيدها كل ما في متناولها كرما، وقد كان سيدي أبا بكر بن عمر يقول كنا نحن المتجردين، لا نجرأ أن نطلب ما نحتاج إليه إلا منها، لعلمنا بسماحها بكل ما تملك.
هذه بعض من أخبار هذه السيدة العظيمة التي كان لها فضل كبير في إخراج علماء كبار كعلامة سوس محمد المختار السوسي، فكانت نعم البنت و الزوجة والأم، رضي الله عنها وأرضاها.
توفيت السيدة رقية بنت العربي الأدوزي سنة 1342هجرية بتزنيت.
المراجع:
1. "المعسول": المختار السوسي، الجزء الثاني، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1961.
2."الصالحات المتبرك بهن في سوس"، حسن العبادي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الطبعة الأولى، 2004
المصدر:
الرابطة المحمدية للعلماء
.
0 التعليقات:
إرسال تعليق