نشأت في بيئة محافظة جدا، وكان والدي غير مقتنع جدا بمسألة تعليم البنات، كان غرضه من إدخالي المدرسة هو أن أنال حظا بسيطا من التعليم على أن أغادر المدرسة عند أول تعثر..
أذكر أنني كنت في الفصل أخجل كثيرا من المعلمين وأتوارى دائما ولم أكن أشارك بالطريقة الحماسية التي يشارك بها التلاميذ الشيء الذي يجعل أساتذتي لا ينتبهون لوجودي إلا عند اول فرض كتابي..
أذكر مرة أنني ذهبت للمؤسسة لقضاء مصلحة إدارية، فوجدت بالباب جمهورا من التلاميذ الذكور فأحجمت عن قضاء هذه المصلحة خجلا منهم، فلما عدت أخبرت والدي أنني لم أجرؤ على اقتحام الجمع الكبير من الذكور، ظنا مني أنه سوف يقوم بالأمر مكاني وأنه سوف يعذرني، لكنه نهرني بشدة رحمه الله قائلا: وماذا في ذلك، ادخلي بينهم واقضي مصلحتك هل كانوا سيأكلونك..؟
شاء الله بعد ذلك ان أدرس في الثانوي في قسم مختلط فزاد ذلك من احساسي بالخجل وخصوصا في السنة الأولى، ثم بدأت أتعود مع الوقت وقد كنت في الجامعة أحيانا الطالبة الوحيدة بين الذكور في أقسام الأعمال التطبيقية، أما اليوم فأنا أستاذة وحيدة بين أساتذة علوم الفيزياء والكيمياء...!!
كل هذا أكسبني خبرة لا بأس بها في التعامل مع الخجل، فالكثيرون يخلطون بين الحياء والخجل، والحياء من الدين وهو خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعريفه " انقباض يجده الإنسان في نفسه يحمله على عدم ملابسة ما يعاب به ويستقبح منه، ونقيضه التصلف في الأمور وعدم المبالاة بما يُستقبح ويُعاب" أما الخجل فهو سلوك يصاحب البعض في سنوات الطفولة الأولى والمراهقة، ومع الوقت يختفي تدريجيا أو يتفاقم، وذلك حسب الظروف وطريقة التنشئة التي يعتمدها الأبوان...
وهذا ما انتبه له والدي رحمه الله حين زجرني على عدم قضائي لمصلحتي بسبب خجلي..
(*)فيض القدير للمناوي
أم عبد الرحمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق